بسم الله الرّحمن الرّحيم وهو حسبي
فمن الحوادث فِيهَا:
قدوم المنصور من مكة، ونزوله الحيرة، فوجد عيسى بْن موسى قَدْ شخص إِلَى الأنبار، واستخلف على الكوفة طلحة بْن إسحاق بْن مُحَمَّد بْن الأشعث، فدخل أَبُو جعفر الكوفة، فصلى الجمعة بأهلها، وخطبهم وأعلمهم أنه راحل عنهم، ثُمَّ وافاه أَبُو مسلم بالحيرة، ثُمَّ شخص أَبُو جعفر إِلَى الأنبار، فأقام بها، وجمع إِلَيْهِ أطرافه، وقد كَانَ عيسى بْن موسى قَدْ أحرز بيوت الأموال والخزائن والدواوين حَتَّى قدم عليه أَبُو جعفر، فبايع الناس لَهُ بالخلافة، ثُمَّ لعيسى بْن موسى من بعده، وسلم الأمر إِلَى أبي جعفر، وبعث يزيد بْن زياد وَهُوَ حاجب أبي الْعَبَّاس إِلَى عَبْد اللَّه بْن عَلِيّ ببيعة أبي جعفر، وذلك بأمر أبي الْعَبَّاس قبل أن يموت حين أمر الناس بالبيعة، فلما قدم عليه دعا الناس إِلَى نفسه وَقَالَ: إن أبا العباس حين أراد أن يوجه الجنود إِلَى مروان بْن مُحَمَّد دعا بْني أمية [1] فأرادهم على المسير إِلَى مروان وَقَالَ: من انتدب منكم فسار إِلَيْهِ فهو ولي عهدي، فلم ينتدب لَهُ غيري، فعلى هذا خرجت من عنده، وقبلت من قبلت، فقام أَبُو غانم الطائي، وخفاف المروزي فِي عدة من قواد أَهْل خراسان، فشهدوا لَهُ بذلك، فبايعه أَبُو غانم، وخفاف، وأبو الإصبع، وجميع من كَانَ معه من أولئك القواد منهم حميد بْن قحطبة وغيره، فلما فرغ من البيعة ارتحل فنزل حران وبها مقاتل العكي، وَكَانَ أَبُو جعفر استخلفه لما قدم على أبي الْعَبَّاس، فأراد مقاتلا على البيعة فلم يجبه وتحصن