لما أخذ الحجاج سعيد بن جبير قال: ما أراني إلا مقتولا وسأخبركم أني كنت أنا وصاحبان لي دعونا حين وجدنا حلاوة الدعاء، ثم سألنا الله الشهادة، فكلا صاحبي رزقها [1] ، وأنا أنتظرها، قال: فكأنه رأى أن الإجابة عند حلاوة الدعاء.
أخبرنا إسماعيل بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي، قال:
حدثنا هارون بن عيسى، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المقري [2] ، قال: حدثنا حرملة بن عمران، قال: حدثنا ابن ذكوان:
أن الحجاج بن يوسف بعث إلى سعيد بن جبير فأصابه الرسول بمكة، فلما سار به ثلاثة أيام رآه يصوم نهاره ويقوم ليله، فقال له الرسول: والله إني لأعلم أني أذهب بك إلى من يقتلك فاذهب أي الطرق شئت [3] ، فقال له سعيد: إنه سيبلغ الحجاج أنك قد أخذتني فإن خليت عني خفت أن يقتلك، ولكن اذهب بي إليه.
قال: فذهب به إليه، فلما أدخل عليه قال له الحجاج: ما اسمك؟ قال: سعيد بن جبير، قال: بل شقي بن كسير، قال: أمي سمتني [سعيدا] [4] ، قال: شقيت أنت وأمك، قال: الغيب يعلمه غيرك، قال له الحجاج: أما والله لأبدلنك من دنياك نارا تلظى، قال سعيد: لو علمت أن ذلك إليك ما اتخذت إلها غيرك، ثم قال له الحجاج: ما تقول فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نبي مصطفى خير الباقين وخير الماضين، قال: فما تقول في أبي بكر الصديق؟ قال: ثاني اثنين إذ هما في الغار، أعز به الدين وجمع به بعد الفرقة، قال: وما تقول في عمر بن الخطاب؟ قال: فاروق الله وخيرته من خلقه [5] ، أحب الله أن يعز الدين بأحد الرجلين، فكان أحقهما بالخيرة والفضيلة، قال: فما تقول في عثمان؟ قال: مجهز جيش العسرة، والمشتري بيتا في الجنة، والمقتول ظلما، قال: