أُسْطُوَانَتِهِ جَالِسٌ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا كَانَ وَقُلْتُ لَهُ: أَرَى لَكَ أَنْ تَخْرُجَ السَّاعَةَ إِلَى مَكَّةَ فَتَعْتَمِرُ وَتُقِيمُ بِهَا، قَالَ: مَا حَضَرَتْنِي فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إليّ ما نويت، فقلت له: فإنّي أَرَى أَنْ تَخْرُجَ إِلَى بَعْضِ مَنَازِلِ إِخْوَانِكَ فَتُقِيمَ فِيهِ حَتَّى نَنْظُرَ مَا يَكُونُ مِنَ الرَّجُلِ، قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذَا الدَّاعِي الَّذِي يَدْعُونِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَاللَّهِ لا دَعَانِي إِلا أَجَبْتُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ، قُلْتُ لَهُ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ هَذَا فَتَجْلِسَ إِلَى بَعْضِ هَذِهِ الأَسَاطِينِ فَإِنَّكَ إِنْ طَلَبْتَ فَإِنَّمَا تَطْلُبُ عِنْدَ أُسْطُوَانَتِكَ. قَالَ:
وَلِمَ أَقُومُ مِنْ مَوْضِعِي هَذَا الَّذِي قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ فِيهِ الْعَافِيَةَ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ، [قُلْتُ لَهُ:
رَحِمَكَ اللَّهُ، أَمَا تَخَافُ عَلَى نَفْسِكَ كَمَا يَخَافُ النَّاسُ؟ فَقَالَ لِي] [1] : وَاللَّهِ لا أَحْلِفُ باللَّه كَاذِبًا مَا خِفْتُ شَيْئًا سِوَاهُ، قُلْتُ لَهُ: فَبِمَاذَا أَقُومُ مِنْ عِنْدِكَ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَقَدْ غَمَمْتَنِي، فَقَالَ: تَقُومُ بِخَيْرٍ، أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يُنْسِيَهُ ذِكْرِي.
قَالَ: فَانْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَجَعَلْتُ أَسْأَلُ فَرَطَ الأَيَّامِ [هَلْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ خَبَرٌ؟] فَلا أُخْبَرُ إِلا بِخَيْرٍ. قَالَ: فَأَقَامَ عَلَيْنَا وَالِيًا سَنَةً لا يَذْكُرُهُ وَلا يَخْطُرُ بِبَالِهِ حَتَّى إِذَا عزل وصار بوادي القرى مِنَ الْمَدِينَةِ/ عَلَى خَمْسِ مَرَاحِلَ، قَالَ لِغُلامِهِ وهو يوضئه: ويحك أمسك، وا سوءتاه مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمِنَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَمِنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَلَفْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ثَلاثَةَ أَيْمَانٍ لأَقْتُلَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، وَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُهُ إِلا فِي سَاعَتِي هَذِهِ، فقال له غلامه، يا مولاي تأذن لِي أَنْ أُكَلِّمَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَرَادَ اللَّهُ لَكَ خَيْرًا مِمَّا أَرَدْتَ لِنَفْسِكَ إِذْ أَنْسَاكَ ذِكْرَهُ.
فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَأَنْتَ حُرٌّ.
ويطعمه [3] خراسان سبع سنين، فقال للرسول: لولا أن أضرب بيني وبين بني