وَتَخَالَفَتْنِي [1] خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَنُّوا الْغَارَةَ عَلَى مَحِلَّةِ آلِ حَاتِمٍ، فَأَصَابُوا نِسَاءً وَأَطْفَالا وَشَاءً وَابْنَةَ حَاتِمٍ، فَقُدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ. وَقَدْ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَرَبِي، فَجُعِلَتِ ابْنَةُ حَاتِمٍ فِي حَظِيرَةٍ بِبَابِ الْمَسْجِدِ- كَانَتِ النِّسَاءُ يُحْبَسْنَ فِيهَا- فَمَرَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَامَتْ إِلَيْهِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَمِيلَةً جَزِلَةً، / فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَاتَ الْوَلَدُ وَغَابَ الْوَافِدُ، فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ: فَإِنِّي فَعَلْتُ فَلا تَعْجَلِي بِخُرُوجٍ حَتَّى تَجِدِي مِنْ قَوْمِكِ مَنْ يَكُونُ لَكِ ثِقَةٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْوَالِدُ وَغَابَ الْوَافِدُ فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ [2] ، قَالَ: وَمَنْ وَافِدُكِ؟ قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: الْفَارُّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَنِي حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ مَرَّ بِي فَقُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بعد الغد مرّ بي وقد يئست، فلم أقل شيئا، فأشار إلى رَجُلٌ خَلْفَهُ أَنْ قُومِي فَكَلِّمِيهِ، فَقُمْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْوَالِدُ وَغَابَ الْوَافِدُ فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ فَعَلْتُ فَلا تَعْجَلِي بِخُرُوجٍ حَتَّى تَجِدِي مِنْ قَوْمِكِ مَنْ يَكُونُ لَكِ ثِقَةً حَتَّى يَبْلُغَكِ إِلَى بِلادِكِ، ثُمَّ آذِنِينِي.
قَالَتْ: فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيَّ أَنْ أُكَلِّمَهُ، فَقِيلُ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْتُ حتى قدم رَكِبَ مِنْ قُضَاعَةَ. قَالَتْ: وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ آتِيَ أَخِي بِالشَّامِ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: قَدْ جَاءَ مِنْ قَوْمِي مَنْ لِي ثِقَةٌ وَبَلاغٌ، فَكَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّمَ وَحَمَلَنِي وَأَعْطَانِي نَفَقَةً، وَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ. قَالَ عدي: فو الله إِنِّي لَقَاعِدٌ فِي أَهْلِي إِذْ نَظَرْتُ إِلَى ظَعِينَةٍ [3] تُصَوِّبُ إِلَيَّ تَؤُمُّنَا [4] .
قُلْتُ: ابْنَةُ حَاتِمٍ، فَإِذَا هِيَ هِيَ، فَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَيَّ انْسَحَلَتْ [5] تَقُولُ: الْقَاطِعُ الظَّالِمُ، احْتَمْلَتْ أَهْلَكَ وَوَلَدَكَ. وَتَرَكْتَ بَقِيَّةَ وَالِدِكَ، قُلْتَ: يَا أُخَيَّةُ لا تَقُولِي إلا خيرا، فقلت: