فأخذت بثياب أختها زينب- وكانت زينب أكبر منها- فقالت زينب: كذبت والله، ما ذلك لك ولا له. فغضب يزيد وقَالَ: كذبت، إن ذلك لي، ولو شئت أن أفعله لفعلته، قالت:
كلا والله، ما جعل الله ذلك لك إلا أن يخرج من ملتنا ويدين بغير ديننا، فعاد الشامين فقام وقَالَ: هب لي هذه، فقَالَ: اغرب، وهب الله لك حتفا قاضيا، ثم قَالَ يزيد للنعمان بن بشير: جهزهم بما يصلحهم، وابعث معهم رجلا من أهل الشام أمينا صالحا يسير بهم إلى المدينة.
ثم دخلن دار يزيد، فلم يبق من آل معاوية امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين، وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين، فدعاه يوما ودعا معه عمرو بن الحسين- وكان صغيرا- فقَالَ يزيد لعمرو: أتقاتل هذا؟ يعني ابنه خالدا. قَالَ:
لا، ولكن أعطني سكينا وأعطه سكينا، ثم أقاتله. فقَالَ يزيد: سنة أعرفها من أحرم [1] ، ثم بعث بهم إلى المدينة، وبعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص- وهو عامله على المدينة- فكفنه ودفنه بالبقيع عند قبر أمه فاطمة. هكذا قَالَ ابن سعد.
وذكر ابن أبي الدنيا أنهم وجدوا فِي خزانة يزيد رأس الحسين، فكفنوه، ودفنوه بدمشق عند باب الفراديس. 142/ ب ولما أتى أهل المدينة مقتل الحسين عليه السلام/ خرجت ابنة عقيل [2] بن أبي طالب ومعها نساؤها حاسرة وهي تبكي وتقول:
ماذا تقولون إن قَالَ النبي لكم ... ماذا فعلتم وأنتم أفضل الأمم [3]
بعترتي وبأهلي عند منطلقي [4] ... منهم أسارى ومنهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم ... أن تخلفوني بشر فِي ذوي رحم
أنبأنا الحسين بن محمد بن عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال:
أخبرنا أبو طاهر المخلص قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن