بنا. فحالوا بينه وبين الانصراف، فقَالَ للحر: ثكلتك أمك، ما تريد؟ قَالَ: إني لم أومر بقتالك، إنما أمرت أن لا أفارقك حتى أقدمك الكوفة، فإذا أبيت فخذ طريقا لا تدخلك الكوفة، ولا تردك المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد، وتكتب أنت إلى يزيد أو إلى ابن زياد لعل الله أن يرزقني العافية من أن أبتلى بشيء من أمرك، فتباشر الحسين والحر يسايره، ثم جاءه كتاب عبيد الله بن زياد أن جعجع [1] بالحسين حتى يبلغك كتابي، فأنزلهم الحر على غير ماء، ولا فِي قرية، وذلك فِي يوم الخميس ثاني المحرم، فلما كان من الغد قدم عمرو بن سعد من الكوفة فِي أربعة آلاف، وكان عبيد الله قد ولى عمرو بن سعد الري، فلما عرض أمر الحسين قَالَ له: اكفني أمر هذا الرجل، ثم اذهب إلى عملك. فقَالَ:
أعفني فأبى. قالَ: أنظرني الليلة، فأخره فأنظر فِي أمره، [ثم أصبح] [2] راضيا. فبعث إلى الحسين رجلا يقول له: ما جاء بك؟ فقَالَ: كتب إلي أهل مصركم، فإذا كرهتموني فإني أنصرف عنكم. وجاء كتاب عبيد الله إلى عمر: حل بين الحسين وأصحابه وبين الماء كما صنع بعثمان. فقَالَ: اختاروا مني واحدة من ثلاث: إما أن تدعوني فألحق 138/ ب بالثغور أو أذهب إلى يزيد، أو أنصرف/ من حيث جئت. فقبل ذلك عمرو، وكتب إلى عبيد الله بذلك، فكتب عبيد الله. لا ولا كرامة حتى يضع يده فِي يدي، فقَالَ الحسين:
لا والله لا يكون ذلك أبدا. وفِي رواية: أن عبيد الله قبل ذلك، فقَالَ له شمر بن ذي الجوشن: والله إن رحل عن بلادك ولم يضع يده فِي يدك ليكونن أولى بالقوة والعز، ولتكونن أولى بالضعف، والعجز، ولكن لينزلن على حكمك هو وأصحابه، فقَالَ له عبيد الله. اخرج بكتابي إلى عمرو بن سعد، وليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي، فإن فعلوا فليبعث بهم إلي سلما، وإن أبوا فليقاتلهم، فإن فعل فاسمع له وأطع، وإن أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الناس، فثب عليه فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه.
وكتب عبيد الله: أما بعد، فإني لم أبعثك إلى حسين لتكف عنه ولا لتطاوله ولا لتمنيه السلامة، فانظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم إليّ