اعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ نَأْخُذُهُ بَعْدَكَ، فَقَالَ: يَا سَعْدُ، اذكر اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ، وَعِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ، وَعِنْدَ يَدِكَ إِذَا قَسَمْتَ. ولما اشتد مرض سلمان وكان قد أصاب صرة مسك يوم جلولاء، فقَالَ لأمرأته هاتها، فمرسها فِي ماء، ثم قَالَ: انضحيها حولي، فإنه يأتيني زوار الآن يجدون الريح ولا يأكلون الطعام، فلم يمكث إلا قليلا حتى مات.
عاش سلمان مائتين وخمسين سنة لا يشكون في هذا وبعضهم يقول: ثلاثمائة وخمسين.
وقيل أنه أدرك وحي عيسى عليه السلام، والظاهر أنه توفي فِي زمان عثمان فِي سنة اثنتين وثلاثين، وقد قيل فِي سنة ست وثلاثين، فعلى هذا تكون وفاته في زمان علي رضي الله عنه، والأول أصح.
8/ ألم يزل على الشرك يقود الجموع لقتال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أن أسلم يوم فتح مكة، وكان الإيمان فِي قلبه متزلزلا، فعد فِي المؤلفة [قلوبهم] ، ثم استقر إيمانه وقوي يقينه، وكان قد كف عن القتال بعد الخندق، وبعث إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هدية من تمر عجوة، وكتب إليه يستهديه أدما، فقبل هديته وأهدى إليه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّارُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ علي [الجوهري] ، قال: أخبرنا ابن حيوية، قال: أخبرنا أحمد بن معروف، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم، قال: حدثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال:
حدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ عُتْبَةَ يُخْبِرُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: وَاصَبَاحَ قُرَيْشٍ إِنْ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْوَةً. قَالَ الْعَبَّاسُ: فَأَخَذْتُ بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشهباء وقلت: