فأجابوها:

نعم قَدْ تركناه بأرض بعيدة ... مقيما بها فِي دكدك وأكام

فقالت لهم:

فَإِن كَانَ حقا مَا تَقُولُونَ فاعلموا ... بأن قَدْ نعيتم بدر كُل ظلام [1]

فلا لقي الفتيان بعدك لذة ... ولا رجعوا من غيبة بسلام

ولا وضعت أنثى تماما بمثله ... ولا فرحت من بعده بغلام

ولا لا بلغتم حيث وجهتم لَهُ ... ونغصتم لذات كُل طعام

ثُمَّ سألتهم: أين دفنوه؟ فأخبروها، فسارت إِلَى قبره، فلما قربوا من موضع قبره، قالت: إني أريد قضاء حاجة، فأنزلوها فانسلت إِلَى قبره فانكبت عليه، فلما راعهم إلا صوتها، فلما سمعوها بادروا/ إِلَيْهَا، فَإِذَا هِيَ ممدودة عَلَى القبر قَدْ خرجت نفسها، فدفنوها إِلَى جانبه.

[أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الملك بْن خيرون، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا علي بْن أيُّوب القمي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عمران، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن أَبِي سَعِيد، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن مُحَمَّد النخعي، حَدَّثَنَا] [2] معاذ بْن يَحْيَى الصنعاني، قَالَ:

خرجت من مكة إِلَى صنعاء، فلما كَانَ بيننا وبين صنعاء خمس رأيت النَّاس ينزلون عَن محاملهم ويركبون دوابهم، قُلْت: أين تريدون؟ قَالُوا: نريد أَن ننظر قبر عروة وعفراء، فنزلت عَن محملي وركبت حماري واتصلت بهم، فانتهيت إِلَى قبرين متلاصقين قَدْ خرج من هَذَا القبر ساق شجرة، ومن هَذَا ساق شجرة، حَتَّى إِذَا صارا عَلَى قامة التفا، وَكَانَ النَّاس يقولون: تآلفا فِي الحياة وَفِي الْمَوْت.

وَقَدْ روي لنا أَن هذه القصة كانت فِي عهد عُمَر بْن الْخَطَّاب، فروينا عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: لو أدركت عروة وعفراء لجمعت بينهما.

وروينا عَن مُعَاوِيَة أنه قَالَ: «لو علمت بهذين الشريفين لجمعت بينهما» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015