الْمُسْلِمُونَ أَيْدِيَهُمْ مِنْ مَتَاعٍ وَرَقِيقٍ وَرَفَهٍ مَا شَاءُوا، قَالَ: وَيْحَكَ، كَيْفَ اللَّحْمُ بِهَا فَإِنَّهَا شَجَرَةُ الْعَرَبِ لا تَصْلُحُ الْعَرَبُ إِلا بِشَجَرَتِهَا [1] ، قُلْتُ: الشَّاةُ بِدِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ هَلْ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ ذَلِكَ الرَّجُلِ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: مَا يَسُرُّنِي، إِنَّمَا يَسُرُّكُمْ أُضَعِّفُ لَكُمْ، وَإِنَّهُ أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ آخَرُ.

قَالَ: وَجِئْتُ إِلَى ذكر السَّفَطَيْنِ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهُمَا، فباللَّه الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَكَأَنَّمَا أَرْسَلْتُ عَلَيْهِ الأَفَاعِي وَالأَسَاوِدَ وَالأَرَاقِمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ/ [بِوَجْهِهِ] [2] آخِذًا بِحِقْوَيْهِ، وَقَالَ: للَّه أَبُوكَ وَعَلَى مَا يَكُونَانِ لِعُمَرَ، وَاللَّهِ لَيَسْتَقْبِلَنَّ الْمُسْلِمُونَ الظَّمَأَ وَالْجُوعَ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ [3] ، وَعُمَرُ يَغْدُو بَيْنَ أَهْلِهِ وَيَرُوحُ إِلَيْهِمْ يَتَّبِعُ إِمَاءَ الْمَدِينَةِ، ارْجِعْ بِمَا جِئْتَ بِهِ فَلا حَاجَةَ لِي فِيهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ، إِنَّهُ أَبْدَعُ بِي وَبِصَاحِبَيَّ، فَاحْمِلْنَا، فَقَالَ: لا وَلا كَرَامَةَ لِلآخَرِ، مَا جِئْتَ بِمَا أُسَرُّ بِهِ فَأَحْمِلُكَ، قُلْتُ: يَا لَعِبَادِ اللَّهِ أَيُتْرَكُ رَجُلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ، قَالَ: أَمَا لَوْلا أَنْ قُلْتَهَا [قُلْتُ] يَا بَرْقِيُّ انْطَلِقْ بِهِ فَاحْمِلْهُ وَصَاحِبَهُ عَلَى نَاقَتَيْنِ ظَهِيرَتَيْنِ مِنْ إِبِلِ الصدقة ثم انخس بهما حتى تخرجهما مِنَ الْحَرَّةِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: أَمَا لَئِنْ شَتَا الْمُسْلِمُونَ فِي مَشْتَاهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَا بَيْنَهُمْ لأُعَذِّرَنَّ مِنْكَ وَمِنْ صُوَيْحِبِكَ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الْبِلادِ فَانْظُرْ أَحْوَجَ مَنْ تَرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَادْفَعْ إِلَيْهِ النَّاقَتَيْنِ.

ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ عِنْدَ عُمَرَ، وَسِرْنَا حَتَّى آتَيْنَا سَلَمَةَ بْنَ قَيْسٍ، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ:

ادْعُ لِي الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا جَاءُوا قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنيِنَ قَدْ وَفَّرَ عَلَيْكُمْ سَفَطِيكُمْ [4] ، ورآكم أحق بهما منه، فَاقْتَسِمُوا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، فَقَالُوا: أَصْلَحَكَ اللَّهُ أَيُّهَا الأَمِيرُ، إِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمَا نَظَرٌ وَتَقْوِيمٌ وَقِسْمَةٌ [5] . فَقَالَ: وَاللَّهِ لا تَبْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تُطَالِبُونِي مِنْهَا بِحَجَرٍ وَاحِدٍ [6] . فَعَدَّ الْقَوْمَ وَعَدَّ الْحِجَارَةَ، فَرُبَّمَا طَرَحُوا إِلَى الرَّجُلِ الْحَجَرَيْنِ، وَفَلَقُوا الْحَجَرَ بين اثنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015