جَمَعَ جُمُوعًا، فَأَقْبَلَ بِهَا لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ، أَلا إِنَّ أَهْلَ قُومَسَ وَأَهْلَ الرَّيِّ وَأَهْلَ هَمَذَانَ وَأَهْلَ نَهَاوَنْدَ قَدْ تَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ يُخْرِجُوا الْعَرَبَ مِنْ بِلادِهِمْ، وَيَغْزُوكُمْ فِي بِلادِكُمْ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ. فَقَامَ طَلْحَةُ فَقَالَ: أَنْتَ وَلِيُّ هَذَا الأَمْرِ، وَقَدْ أَحْكَمْتَ التَّجَارِبَ، فَادْعُنَا نُجِبْ وَمُرْنَا نُطِعْ، فَأَنْتَ مُبَارَكُ الأَمْرِ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ، ثُمَّ جَلَسَ. فَقَالَ عُمَرُ: تَكَلَّمُوا، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: أَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ فَيَسِيرُونَ مِنْ شَأْمِهِمْ، وَتَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَيَسِيرُونَ مِنْ يَمَنِهِمْ، وَتَسِيرُ أَنْتَ بِنَفْسِكَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَرَمَيْنِ إِلَى هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، فَتَلْقَى جُمُوعَ الْمُشْرِكِينَ فِي جُمُوعِ الْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ قَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّكَ إِنْ أَشْخَصْتَ أَهْلَ الشَّامِ سَارَتِ الرُّومُ إِلَى ذَرَارِيهِمْ [1] ، وَإِنَّكَ إِنْ أَشْخَصْتَ أَهْلَ الْيَمَنِ سَارَتِ الْحَبَشَةُ إِلَى ذَرَارِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَتَى شَخَصْتَ مِنْ هَذَيْنِ الْحَرَمَيْنِ انْتَقَضَتْ عَلَيْكَ الأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا حَتَّى تَكُونَ مَا تَخْلُفُ خَلْفَكَ مِنَ الْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَيَفْتَرِقُونَ، فَفِرْقَةٌ/ تُقِيمُ فِي أَهَالِيهَا، وَفِرْقَةٌ يَسِيرُونَ إِلَى إِخْوَانِهِمْ بِالْكُوفَةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ كَثْرَةِ الْقَوْمِ فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُهُمْ فِيمَا خَلا بِالْكَثْرَةِ وَلَكِنَّا نُقَاتِلُهُمْ بِالنَّصْرِ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صَدَقْتَ يا أبا الحسن، هذا رأي وَلَئِنْ شَخَصْتُ [مِنَ الْبَلْدَةِ] [2] لَتَنْقَضَّنَّ عَلَيَّ الأَرْضُ مِنْ أَقْطَارِهَا، وَلَيُمِدَّنَّهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يُمِدُّهُمْ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِرَجُلٍ أُوَلِّيهِ [3] ذَلِكَ الثَّغْرَ، قَالُوا: أَنْتَ أَفْضَلُنَا رَأْيًا، قَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ بِهِ، [4] وَاجْعَلُوهُ عِرَاقِيًّا، قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: لأُولِّيَنَّ ذَلِكَ الثَّغْرَ رَجُلا يَكُونُ قَتِيلا فِي أَوَّلِ سَنَةٍ، قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِمَا أَشَارَ بِهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ إِنِّي اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَلَيْكُمْ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَإِنْ قُتِلَ عليكم جرير بن عبد الله [البجلي] ،