المخلص، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه، قَالَ: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف] [1] ، عن مُحَمَّدٍ، وَطَلْحَةَ، وَالْمُهَلَّبِ، وَعَمْرٍو، قَالُوا [2] :
لَمْ يَزَلْ يَزْدَجِرْدَ يُثِيرُ أَهْلَ فَارِسَ أَسَفًا عَلَى مَا خَرَجَ مِنْهُمْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ وَهُوَ بِمَرْوَ وَيُذَكِّرُهُمُ الأَحْفَادَ وَيُؤَنِّبُهُمْ، أَنْ قَدْ رَضِيتُمْ يَا أَهْلَ فَارِسَ أَنْ قَدْ غَلَبَتْكُمُ الْعَرَبُ عَلَى السَّوَادِ وَمَا وَالاهُ وَالأَهْوَازِ. ثُمَّ لَمْ يَرْضَوْا بِذَلِكَ حَتَّى يُورِدُوكُمْ فِي بِلادِكُمْ وَعُقْرِ دَارِكُمْ، فَتَحَرَّكُوا، وَتَكَاتَبَ أَهْلُ فَارِسَ وَأَهْلُ الأَهْوَازِ وَتَعَاهَدُوا وَتَوَاثَقُوا عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَكُتِبَ إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ: أَنِ ابْعَثْ إِلَى الأَهْوَازِ بَعْثًا كَثِيفًا مَعَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، وَعَجِّلْ وَابْعَثْ مَعَهُ سُوَيْدَ بْنَ مُقَرِّنٍ، وَجَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَلْيَنْزِلُوا بِإِزَاءِ الْهُرْمُزَانِ حَتَّى يَتَبَيَّنُوا [3] أَمْرَهُ. وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَنِ ابْعَثْ/ إِلَى الأَهْوَازِ جُنْدًا كَثِيفًا، وَأَمِّرْ عَلَيْهِمْ سَهْلَ بْنَ عَدِيٍّ، وَابْعَثْ مَعَهُ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ فِي جَمَاعَةٍ سَمَّاهُمْ، وَعَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ جَمِيعًا أَبَا سَبْرَةَ بْنَ أَبِي رُهْمٍ، فَكُلُّ مَنْ أَتَاهُ فَمَدِّدْ لَهُ.
وَخَرَجَ النعمان بن مقران فِي أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَأَخَذَ وَاسِطَ السَّوَادِ حَتَّى قَطَعَ دِجْلَةَ بِحِيَالِ مَيْسَانَ، ثُمَّ أَخَذَ الْبَرَّ إلى الأهواز، فانتهى إلى نهر تيري فَجَازَهَا، ثُمَّ جَازَ مَنَاذِرَ، ثُمَّ جَازَ سُوقَ الأَهْوَازِ، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ الْهُرْمُزَانِ- وَالْهُرْمُزَانُ يَوْمَئِذٍ بِرَامَهُرْمُزَ- وَلَمَّا سَمِعَ الْهُرْمُزَانُ بِمَسِيرِ النُّعْمَانِ إِلَيْهِ بادره، فالتقيا فَاقْتَتَلا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَزَمَ الْهُرْمُزَانَ فَلَحِقَ بِتُسْتَرَ. وَسَارَ النُّعْمَانُ حَتَّى نَزَلَ بِرَامَهُرْمُزَ، وَكَانَ الْهُرْمُزَانُ قَدْ صَالَحَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ نَكَثَ، فَحَاصَرَهُ الْمُسْلِمُونَ فَأَكْثَرُوا فِيهِمُ الْقَتْلَ. وقتل البراء بن مالك فيما بين أول ذَلِكَ الْحِصَارِ إِلَى أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِائَةَ مُبَارَزَةٍ، وَزَاحَفَهُمُ الْمُسْلِمُونَ [4] فِي أَيَّامِ تُسْتَرَ ثَمَانِينَ مَرَّةً فِي حِصَارِهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ زَحْفٍ مِنْهَا وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ، قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا بَرَاءُ، أَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ لَيَهْزِمَنَّهُمْ لَنَا، فَقَالَ: اللَّهمّ اهْزِمْهُمْ لَنَا وَاسْتَشْهِدْنِي، فَهَزَمُوهُمْ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ فِي خَنَادِقِهِمْ، ثُمَّ اقْتَحَمُوهَا عَلَيْهِمْ، وَأَرَزُوا إِلَى مَدِينَتِهِمْ وَأَحَاَطُوا بِهَا. فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى النُّعْمَانِ رَجُلٌ فاستأمنه على أن يدله