جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ فَتْحُ الْقَادِسِيَّةِ وَدِمَشْقَ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ امْرَأً تَاجِرًا يُغْنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِيَالِي بِتِجَارَتِي، وَقَدْ شَغَلْتُمُونِي بِأَمْرِكُمْ هَذَا، فَمَاذَا تَرَوْنَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِي مِنْ هَذَا الْمَالِ؟ فَأَكْثَرَ الْقَوْمُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَاكِتٌ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: مَا أَصْلَحَكَ وَأَصْلَحَ عِيَالَكَ بِالْمَعْرُوفِ، لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ غَيْرُهُ، فَقَالَ:
الْقَوْلُ [1] مَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طالب [2] .
و [عن سَيْفٍ، عَنْ مُبَشِّرِ بْنِ الْفُضَيْلِ] [3] ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ [4] :
لَمَّا وَلِيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَعَدَ عَلَى رِزْقِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي كَانُوا فَرَضُوا لَهُ، فَكَانَ بِذَلِكَ، فَاشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ، فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فِيهِمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، فَقَالَ: الزُّبَيْرُ: لَوْ قُلْنَا لِعُمَرَ فِي زِيَادَةٍ نُزِيدُهَا [5] إِيَّاهُ فِي رِزْقِهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: وَدِدْنَا أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، فَانْطَلِقُوا بِنَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنه عمر، فهلموا فلنستبرئ مَا عِنْدَهُ مِنْ وَرَائِهِ، نَأْتِي حَفْصَةَ فَنُكَلِّمُهَا [6] وَنَسْتَكْتِمُهَا أَسْمَاءَنَا، فَدَخَلُوا عَلَيْهَا وَسَأَلُوهَا أَنْ تُخْبِرَ بِالْخَبَرِ عَنْ نَفَرٍ لا تُسَمِّي لَهُ أَحَدًا إِلا أَنْ يَقْبَلَ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهَا، فَلَقِيَتْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَعَرَفَتِ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قَالَتْ: لا سَبِيلَ إِلَى عِلْمِهِمْ حَتَّى أَعْلَمَ مَا رَأْيُكَ، فَقَالَ: لَوْ علمت من هم لسؤت وُجُوهَهُمْ، أَنْتِ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ، أُنَاشِدُكِ باللَّه مَا أَفْضَلُ مَا اقْتَنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فِي بَيْتِكَ مِنَ الْمَلْبَسِ [7] ؟ قَالَتْ: ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ [8] ، كَانَ يَلْبَسُهُمَا لِلْوَفْدِ، وَيَخْطُبُ فِيهِمَا الْجُمُعَ، قَالَ: وَأَيُّ طَعَامٍ نَالَهُ مِنْ عِنْدِكَ أَرْفَعُ؟ قَالَتْ:
خَبَزْنَا خُبْزَةَ شَعِيرٍ، فَصَبَبْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ حَارَّةٌ أَسْفَلَ عُكَّةٍ [9] ، فَجَعَلْنَاهَا دَسَمًا حُلْوَةً، فَأَكَلَ مِنْهَا. قَالَ: وَأَيُّ مَبْسَطٍ كَانَ يَبْسُطُهُ عِنْدَكِ كَانَ أَوْطَأَ؟ قَالَتْ: كِسَاءٌ لَنَا ثَخِينٌ كُنَّا نربعه في