ورمحه معلوب [1] بقد، معه حجفة [2] من جلود البقر، فجاء حتى جلس على الأرض، وقال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم، فكلمه وقال: ما جاء بكم؟ قال: الله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة/ الله، من جور الأديان إلى عدل الإسلام، فمن قبل ذلك قبلنا منه، ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى موعود الله. قال: وما [هو] موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي.
فقال رستم [3] : هل لكم أن تؤخروا هذا الأمر لننظر فيه وتنظروا، قال: إنا لا نؤجل أكثر من ثلاث.
فخلص [4] رستم برؤساء أهل فارس، وقال: ما ترون، هل رأيتم قط كلاما أوضح وأعز من كلام هذا؟ قالوا: معاذ الله أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك لهذا الكلب، أما ترى إلى ثيابه، فقال: ويحكم لا تنظرون إلى الثياب، ولكن انظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب تستخف باللباس والمأكل ويصونون الأحساب.
فرجع ربعي [5] إلى أن ينظروا في الأجل، فلما كان في الغد بعثوا: [أن] ابعث إلينا ذلك الرجل، فبعث إليهم سعد حذيفة بن محصن، فلما جاء إلى البساط قالوا: انزل، قال: ذاك لو جئتكم في حاجتي [6] ، الحاجة لكم لا لي، فجاء حتى وقف ورستم على سريره، فقال له: انزل، قال: لا أفعل، فقال: ما بالك ولم يجئ صاحبنا بالأمس؟
قال: أميرنا يحب أن يعدل بيننا في الشدة والرخاء، وهذه نوبتي، فتكلم بنحو ما تكلم به ربعي، ورجع.
فلما كان [7] من الغد أرسلوا: ابعث لنا رجلا، فبعث اليهم المغيرة بن شعبة،