أَخْبَرَنَا ابْن حيوية، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن معروف، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَهْمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الدَّوْسِيِّ] [1] ، قَالَ:
كَانَ الطُّفَيْلُ الدَّوْسِيُّ رَجُلا شَرِيفًا شَاعِرًا كَثِيرَ الضِّيَافَةِ، فَقَدِمَ مَكَّةَ، فَلَقِيَهُ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادَنَا وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ بِنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ [وَبَيْنَ أَخِيهِ] [2] ، وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ، وَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مِثْلَ مَا دَخَلَ/ عَلَيْنَا مِنْهُ، فَلا [تُكَلِّمْهُ وَلا] [3] تسمع منه. قال: فو الله مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلا أُكَلِّمَهُ، فَغَدَوْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَقَدْ حَشَوْتُ أُذُنِي قُطْنًا [4] ، [فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ] [5] ، فَكَانَ يُقَالُ لِي: ذُو الْقُطْنَتَيْنِ.
[قَالَ: فَغَدَوْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَسْجِدَ] [6] ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي [عِنْدَ الْكَعْبَةِ] [7] ، فَقُمْتُ قَرِيبًا منه فسمعت بعض قوله، فقتل فِي نَفْسِي: وَاثَكْلَ أُمِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنُ مِنَ القبيح، فما يمنعي مِنْ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا [الرَّجُلِ] [8] ، فَإِنْ كَانَ حَسَنًا قَبِلْتُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ.
فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ، فَدَخَلْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا، فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ، فَعَرَضَ عَلِيَّ الإِسْلامَ، وَتَلا الْقُرْآنَ، فَقُلْتُ: لا وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ قَوْلا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا وَلا أَعْدَلَ مِنْهُ، فَأَسْلَمْتُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي امْرُؤٌ