وكان يوم الاثنين بمر الظهران فغربت له الشمس بسرف، ثم أصبح واغتسل ودخل مكة نهارا وهو على راحلته، فدخل من أعلى مكة من كداء حتى انتهى إلى باب بني شيبة، فلما رأى البيت رفع يديه، وقال: «اللَّهمّ يزد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وبرا» . ثم بدأ فطاف بالبيت، ورمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر وهو مضطبع بردائه، ثم صلى خلف المقام ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة على راحلته من فوره ذلك.

وخطب بمكة خطبا في أيام حجه.

قال المؤلف:

ومما جرى بعد حجه صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ.

أن باذام والي اليمن مات، ففرق رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ عمالها بين شهر بن باذام/ وعامر بن شهر الهمداني، وأبي موسى الأشعري، وخالد بن سعيد بن العاص، ويعلى بن أمية، وعمرو بن حزم، وزياد بن لبيد البياضي على حضرموت، وعكاشة بن ثور على السكاسك والسكون.

وبعث معاذ بن جبل معلما لأهل البلدين: اليمن وحضرموت، وقال له: «يا معاذ إنك تقدم على قوم أهل كتاب وإنهم سائلوك عن مفاتح الجنة، فأخبرهم أن مفاتح الجنة لا إله إلا الله، وأنها تخرق كل شيء حتى تنتهي إلى الله عز وجل، لا تحجب دونه، من جاء بها يوم القيامة مخلصًا رجحت بكل ذنب» فقال: أرأيت ما سئلت عنه واختصم إلي فيه مما ليس في كتاب الله ولم أسمع منك سنة [1] ؟ فقال: «تواضع للَّه يرفعك، ولا تقضين إلا بعلم، فإن أشكل عليك أمر فسل ولا تستحي، واستشر ثم اجتهد، فإن الله إن يعلم منك الصدق يوفقك، فإن التبس عليك فقف حتى تتبينه أو تكتب إلي فيه، واحذر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015