قَالَ لأربد: إذا قدمنا على الرجل فأنا أشغل وجهه عنك، فاعْلُهُ بالسيف. فلما قدموا [على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ] ، جعل عامر يكلم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ وينتظر من أربد ما أمره به، فلم يحر شيئا، فَقَالَ له: والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا، فلما ولى، قال رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ: «اللَّهمّ اكفني عامر بن الطفيل» ، فقال عامر لأربد: ويلك، أين ما أوصيتك به؟
قال: والله ما هممت بالذي أمرتني إلا دخلت بيني وبين الرجل [حتى ما أرى غيرك] [1] أفأضربك بالسيف.
وخرجوا راجعين إلى بلادهم، فبعث الله الطاعون على عامر في بعض طريقهم فقتله الله في بيت امرأة من [بني] سلول، فجعل يقول: أغدة كغدة البعير، وأرسل على أربد صاعقة فأحرقته، وكان أربد أخا لبيد بن ربيعة من أمه.
وروى الزبير بن بكار بإسناده [2] ، أن عامر بن الطفيل أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فوسده وسادة، وقال لَهُ: «أسلم يا عامر» قال: على أن لي الوبر ولك المدر، فأبى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فقام عامر مغضبا وقال: والله لأملأنها عليك خيلا جردا ورجالا مردا، ولأربطن بكل نخلة فرسا، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «لو أسلم وأسلمت بنو عامر لراحمت قريشا في منابرها» . ثم عاد رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وآله وَسَلَّمَ، وقال: «يا قوم آمنوا» ، ثم قال: «اللَّهمّ اهد بني عامر.
واشغل عني عامر بْن الطفيل كيف وأنى شئت» ، فخرج فأخذته غدة مثل غدة البعير في بيت سلولية، فقال: يا موت ابرز لي، وأقبل يشتد وينزو إلى السماء، ويقول: غده كغدة البعير وموت في بيت سلولية.
قال الحسن بن علي الحوماري: كان الطفيل بن مالك بن جعفر يكنى أبا علي، وكان من أشهر فرسان العرب بأسا ونجدة وأبعدها اسما حتى بلغ به ذلك أن قيصر كان قدم عليه قادم من العرب، قال له: ما بينك وبين عامر بن الطفيل، فإن ذكر نسبا عظم به عنده.
ولما مات عامر منصرفه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نصب عليه بنو عامر نصابا ميلا في ميل حمي على قبره ولا تسير فيه راعية ولا ترعى ولا يسلكه راكب ولا ماش.