الْعُزَّى، فَقَالَ: «أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو النِّجَادَيْنِ» ، ثُمَّ قَالَ: «انْزِلْ مِنِّي قَرِيبًا» . فَكَانَ فِي أَضْيَافِهِ، وَيُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ حَتَّى قَرَأَ قُرْآنًا كَثِيرًا، وَكَانَ رَجُلا صَيِّتًا، فَكَانَ يَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلا تَسْمَعُ هَذَا الأَعْرَابِيَّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، قَدْ مَنَعَ النَّاسَ الْقِرَاءَةَ، فَقَالَ: «دَعْهُ يَا عُمَرُ فَإِنَّهُ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ» .
ثم خرجوا إلى تبوك، قال ذو النجادين: يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة ابغني لحا سمرة، فربطها رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم علي عضده، وقال: «اللَّهمّ إني أحرم دمه على الكفار» ، قال: يا رسول اللَّه، ليس هذا أردت، قال: «إنك إذا خرجت غازيا في سبيل الله فأخذتك الحمى فقتلتك فأنت شهيد، أو وقصتك دابتك فأنت شهيد [1] ولا تبالي بأية كان» .
فلما نزلوا بتبوك أقاموا بها أياما، فتوفي عبد الله، وكان بلال بن الحارث يقول:
حضرت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومع بلال المؤذن شعلة من نار عند القبر واقفا بها، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي القبر، وإذا أبو بكر وعمر يدليانه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقول: «أدنيا إلي أخاكما» ، فلما هيأه لشقه في اللحد، قال: «اللَّهمّ قد أمسيت عنه راضيا فارض عنه» ، فقال ابن مسعود: يا ليتني صاحب هذا القبر.
وسلول امرأة من خزاعة، وهي أم أبي بن مالك. كان عبد الله سيد الخزرج في جاهليتهم، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد/ جمعوا له خرزا ليتوجوه فحسد ابن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونافق، فاتضع شرفه وهو ابن خالة أبي عامر الراهب.
وكان لعبد الله من الولد، عبد الله، فأسلم وشهد بدرا، وكان معه خال أبيه وتثقل عليه صحبة المنافقين مرض عبد الله بن أبي عشرين يوما بعد أن رجع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من تبوك، ومات في ذي القعدة، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهده وصلى عليه ووقف على قبره وعزى ابنه عبد الله عليه.