فَرَوَى بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: قدم على رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابُ مُلُوكِ حِمْيَرَ مَقْدِمَهُ مِنْ تَبُوكَ وَرَسُولُهُمْ إِلَيْهِ بِإِسْلامِهِمْ: الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ كلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان قيل ذِي رُعَيْنٍ وَهَمْدَانُ وَمُعَافِرٌ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ زُرْعَةَ بْنَ ذِي يَزَنٍ مَالِكَ بْنَ مُرَّةَ الرُّهَاوِيَّ بِإِسْلامِهِمْ وَمُفَارَقَتِهِمُ الشِّرْكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
«بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إِلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كَلالٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عبد كلال، والنعمان قيل ذي رعين وهمدان وَمُعَافِرٍ/ أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكُمُ [اللَّهُ] الَّذَيِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ، فَإِنَّهُ وَقَعَ إِلَيْنَا رَسُولُكُمْ مَقْفَلَنَا مِنْ أَرْضِ الرُّومِ، فَلَقِيَنَا بِالْمَدِينَةِ، فَبَلَّغَ مَا أَرْسَلْتُمْ وَخَبَّرَ مَا قُلْتُمْ، وَأَنْبَأَنَا بِإِسْلامِكُمْ وَإِسْلامِ مَنْ قِبَلِكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [1] ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ هَدَاكُمْ بِهِدَايَتِهِ، إِنْ أصلحتم وأطعمتم اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَعْطَيْتُمُ من الْمَغَانِمَ خُمْسَ اللَّهِ، وَخُمْسَ نَبِيِّهِ وَصَفِيِّهِ، وَمَا كَتَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ وَنَصْرَانِيَّتِهِ فَإِنَّهُ لا يُغَيَّرُ عَنْهَا وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ.
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ رَسُولَ الله مُحَمَّدًا أَرْسَلَ إِلَى زُرْعَةَ بْنِ ذِي يَزَنٍ [2] أَنَّ إِذَا أَتَتْكُمْ رُسُلِي فَأُوصِيكُمْ بِهِمْ خَيْرًا: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، وَمَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَمِيرُهُمْ مُعَاذُ [بْنُ جَبَلٍ] فَلا يَتَقَلَّبَنَّ إِلا رَاضِيًا، ثُمَّ إِنَّ مَالِكَ بْنَ مُرَّةَ حَدَّثَنِي أَنَّكَ [قَدْ] أَسْلَمْتَ مِنْ أَوَّلِ حِمْيَرَ، وَقَتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ فَابْشِرْ بِخَيْرٍ وَآمُرُكَ بِحِمْيَرَ خَيْرًا
قاله محمد، وقال مجاهد: وافقت حجة أبي بكر ذي القعدة، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام القابل في ذي الحجة، وذلك حين قال: «إن الزمان قد استدار كهيئته