يَسْتَهْزِئَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالثَّالِثُ يَضْحَكُ مِمَّا يَقُولانِ وَلا يَتَكَلَّمُ/ بِشَيْءٍ، فنزل جبريل فأخبره بما يستهزءون بِهِ وَيَضْحَكُونَ مِنْهُ، فَقَالَ لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «اذْهَبْ فَسَلْهُمْ عَمَّا كَانُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ، وَقُلْ لهم أحرقكم اللَّهُ» وَلَمَّا سَأَلَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: أَحْرَقَكُمُ اللَّهُ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ فِيهِمْ قُرَآنٌ، فَأَقْبَلُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَى رَسُولِ اللِّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الْجَهِيرُ: وَاللَّهِ مَا تَكَلَّمْتُ بِشَيْءٍ وإنما ضحكت تعجبا من قولهم، فنزل قوله: لا تعتذروا- يَعْنِي جَدَّ بْنَ قَيْسٍ وَوَدِيعَةَ- إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ 9: 66- يعني الجهير- نعذب طائفة [1]- يَعْنِي الْجَدَّ وَوَدِيعَةَ.
وَفِي طَرِيقِ رُجُوعِهِ مَنْ تَبُوكَ، قَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الباقي، قال: أخبرنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عمرو بن حيوية، قال: حدّثنا الْحَسَنُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ الفهم، قال: أخبرنا محمد بن سعد، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ [الطَّوِيلُ] [2] ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: رَجَعْنَا من غزاة تَبُوكَ فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إًلا كَانُوا مَعَكُمْ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟
قَالَ: «نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ» [3]
فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة في رمضان، وجاءه من تخلف فعذرهم واستغفر لهم، وأرجأ أمر كعب بن مالك وصاحبيه حتى نزلت توبتهم وجعل الناس يبيعون أسلحتهم ويقولون: قد انقطع الجهاد، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فنهاهم، وقال: «لا تزال طائفة [4] من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الرجال» .