الإِسْلامَ وَغَيَّرَهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ إِلَى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ثم اسْتَأْذَنَ فِي الْخُرُوجِ إِلَى قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَقَالَ: إِنَّهُمْ إِذَا قَاتَلُوكَ؟ قَالَ: لا أنا أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْكَارِ أَوْلادِهِمْ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ.
فَخَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَقَدِمَ عِشَاءً فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَجَاءَ قَوْمُهُ فَحَيَّوْهُ بِتَحِيَّةِ الشِّرْكِ، فَقَالَ:
عَلَيْكُمْ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ السَّلامُ، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ يَأْتَمِرُونَ بِهِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ أَوْفَى عَلَى غُرْفَةٍ لَهُ فَأَذَّنَ بِالصَّلاةِ، فَخَرَجَتْ ثَقِيفٌ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ، يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ عَوْفٍ فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ فَلَمْ يَرَوْا دمه، وقام غيلان بن سلمة وكانة بن عبد ياليل، وَالْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو، وَوُجُوهُ الأَحْلافِ فَلَبِسُوا السِّلاحَ وَسَارُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ/ عُرْوَةُ، قَالَ: قَدْ تَصَدَّقْتُ بِدَمِي عَلَى صَاحِبِه لأُصْلِحَ بِذَلِكَ بَيْنَكُمْ، وَهِيَ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِهَا، وَشَهَادَةٌ سَاقَهَا اللَّهُ إِلَيَّ، ادْفِنُونِي مَعَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ فَدَفَنُوهُ مَعَهُمْ، وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: «قَتْلُهُ كَقَتْلِ صَاحِبِ يَاسِينَ، دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللَّهِ فَقَتَلُوهُ» [1]
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، [أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ عَنْ إسماعيل بن أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي بُكَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ] [2] عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ حِينَ خَرَجْنَا مَعَهُ إِلَى الطَّائِفِ، فَمَرَرْنَا بِقَبْرٍ، فَقَالَ:
«هَذَا قَبْرِ أَبِي رِغَالٍ، وَهُوَ أَبُو ثَقِيفٍ، كَانَ مِنْ ثَمُودَ، وَكَانَ هَذَا الْحَرَمُ يَدْفَعُ عَنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهُ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُم عَنْهُ أَصَبْتُمُوهُ مَعَهُ» . فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فاستخرجوا منه الغصن.