صده عن المسجد الحرام، وعسكروا ببلدح وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم [1] ، وعليهم خَالِد بن الوليد، ويقال: عكرمة بن أبي جهل، ودخل بسر [2] بن سفيان الخزاعي مكة فسمع كلامهم وعرف رأيهم، فَرَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلقيه بغدير الأشطاط من وراء عسفان [3] فأخبره بذلك.
ودنا خالد [بن الوليد في خيله] [4] حتى نظر إلى أصحاب رسول الله صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمر [رسول الله صلى الله عليه وسلم] [4] عباد بن بشر فتقدم في خيله فأقام بإزائه وصف أصحابه، وحانت صلاة الظهر، وصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم [بأصحابه] [4] صلاة الخوف، وسار حتى دنا من الحديبية- وهي طرف الحرم على تسعة أميال من مكة- فوقفت به [5] راحلته على ثنية تهبط على غائط القوم فبركت. فقال المسلمون: حل حل، يزجرونها، فأبت، فقالوا:
خلأت [6] القصواء، فقال [النبي صلى الله عليه وسلم] [4] : «ما خلأت، ولكن حبسها حابس الفيل، أما والله لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمة الله إلا أعطيتهم إياها» ، ثم زجرها، فقامت فولى راجعا عوده على بدئه حتى نزل بالناس على ثمد من أثماد الحديبية قليل الماء، فانتزع سهما من كنانته فغرزه فيها فجاشت [7] لهم بالرواء [8] حتى اغترفوا بآنيتهم جلوسا على شفير البئر.
ومطر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحديبية مرارا، وكثرت المياه. وجاءه بديل بن ورقاء وركب معه فسلموا وقالوا: [9] جئناك من عند قومك: كعب بن لؤي، وعامر بن لؤيّ قد استنفروا