مُحَمَّدٍ، فَرُبَّمَا فَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّاعَةَ، فَيَقُولُ: «أَيْنَ زَيْدٌ» ؟ فَجَاءَ مَنْزِلَهُ يَطْلُبُه فَلَمْ يَجِدْهُ، وَتَقُومُ إِلَيْهِ زَوْجَتُهُ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فُضُلٌ، فَأَعْرَضَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْهَا، فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ هَا هُنَا فَادْخُلْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يَدْخُلَ، وَإِنَّمَا عَجَلَتْ زَيْنَبُ أَنْ تَلْبَسَ لَمَّا قِيلَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَابِ، فَوَثَبَتْ عَجْلَى، فَأَعْجَبَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَلَّى وَهُوَ يُهَمْهِمُ بِشَيْءٍ، لا يَكَادُ يُفْهَمُ مِنْهُ إِلا رُبَّمَا أَعْلَنَ مِنْهُ: «سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ مُصَرِّفِ الْقُلُوبِ» ، فَجَاءَ زَيْدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَخْبَرَتْهُ امْرَأَتُهُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَتَى مَنْزِلَهُ، فَقَالَ زَيْدٌ: أَلا قُلْتِ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ؟ قَالَتْ: قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَبَى، قَالَ:
فَسَمِعْتِ مِنْهُ شَيْئًا؟ قَالَتْ: سَمِعْتُهُ حِينَ وَلَّى تَكَلَّمَ بِكَلامٍ لا أَفْهَمُهُ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
«سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ/ مُصَرِّفِ الْقُلُوبِ» .
فَجَاءَ زَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ جِئْتَ مَنْزِلِي فَهَلا دَخَلْتَ؟ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَعَلَّ زَيْنَبَ أَعْجَبَتْكَ فَأُفَارِقَهَا؟ فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ» ، فَمَا اسْتَطَاعَ زَيْدٌ إِلَيْهَا سَبِيلا بَعْدَ ذلك اليوم فيأتي إلى رسول الله فَيُخْبِرَهُ، فَيَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم: «أمسك عليك زَوْجَكَ» ، فَيَقُولَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُفَارِقُهَا. فَيَقُولَ:
«احْبِسْ عَلَيْكَ زْوَجَكَ» ، فَفَارَقَهَا زَيْدٌ وَاعْتَزَلَهَا وَحَلَّتْ.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَدَّثُ مَعَ عَائِشَةَ أَخَذَتْهُ غَشْيَةٌ فَسُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَبْتَسِمُ وَيَقُولُ:
«مَنْ يَذْهَبُ إِلَى زَيْنَبَ يُبَشِّرُهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ زَوَّجَنِيهَا مِنَ السَّمَاءِ؟ وَتَلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله 33: 37 [1] .
الْقِصَّةُ كُلُّهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ لِمَا يُبَلِّغُنَا ِمْن جَمَالِهَا، وَأُخْرَى هي أعظم الأمور وَأَشْرَفَهَا مَا صَنَعَ اللَّهُ لَهَا زَوَّجَهَا اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَتْ: هِيَ تَفْخَرُ عَلَيْنَا بِهَذَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَتْ سَلْمَى خَادِمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْتَدُّ، فَحَدَّثَتْهَا بِذَلِكَ فَأَعْطَتْهَا أَوْضَاحًا عَلَيْهَا [2] .
وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ اذْهَبْ فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ، فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ عَجِينَهَا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم