الْمُدَبِّرُ قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ النَّقُّورِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ حَبَابَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اْبُن أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ جَاءَ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ حَدِيثًا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا لا أَدْرِي مَا عِدْلٌ به، سمعت رسول الله يَقُولُ: لا يُصِيبُ أَحَدًا مُصِيبَةٌ فَيَسْتَرْجِعُ عِنْدَ ذلك ويقول: اللَّهمّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي، اللَّهمّ اخْلُفْنِي فِيهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَلَمَّا أُصِبْتُ بِأَبِي سَلَمَةَ، قُلْتُ اللَّهمّ عِنْدَكَ أَحْتَسِبُ مُصِيبَتِي هَذِهِ، وَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَقُولَ اللَّهمّ اخْلُفْنِي فِيهَا خَيْرًا مِنْهَا ثُمَّ قَالَتْ:
مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، ثُمَّ قَالَتْ ذَلِكَ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ يَخْطُبُهَا فَأَبَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا عُمَرُ يَخْطُبُهَا، فَأَبَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها، فقالت:
مرحبا برسول الله، إِنَّ فِيَّ خِلالا ثَلاثًا، أَنَا امْرَأَةٌ شَدِيدَةُ الْغَيْرَةِ، وَأَنَا امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، وَأَنَا امْرَأَةٌ لَيْسَ لي ها هنا أحد من أولياي يُزَوِّجُنِي، فَغَضِبَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ لِنَفْسِهِ حِينَ رَدَّتْهُ، فَأَتَاهَا عُمَرُ فَقَالَ: أَنْتِ الَّتِي تَرُدِّينَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما تَرُدِّينَهُ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فِيَّ كَذَا وَكَذَا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنْ غَيْرَتِكِ، فَأَنَا أَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُذْهِبُهَا عَنْكِ، وأما ما ذكرت من صِبْيَتَكِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيَكْفِيكِهِمْ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ فَلَيْسَ مَنْ أَوْلِيَائِكِ شَاهِدٌ وَلا غَائِبٌ يَكْرَهُنِي، وَقَالَ: لابْنِهَا زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَوَّجَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَمَا أَنِّي لا أَنْقُصُكَ مِمَّا أَعْطَيْتَ فُلانَةً، قَالَ ثَابِتٌ: قُلْتُ لابْنِ أُمِّ سَلَمَةَ: مَا أَعْطَى فُلانَةً، قَالَ:
أَعْطَاهَا جَرَّتَيْنِ تَضَعُ فِيهِمَا حَاجَتَهَا، وَرَحَاءَ، وَوِسَادَةٌ مِنْ أُدْمٌ حَشْوُهَا لِيفٌ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا رَأَتْهُ وَضَعَتْ زَيْنَبُ أَصْغَرَ وَلَدِهَا فِي حِجْرِهَا، فَلَمَّا رَآهَا انْصَرَفَ، وَأَقْبَلَ عَمَّارٌ مُسْرِعًا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَزَعَهَا مِنْ حِجْرِهَا، وَقَالَ: هَاتِي هَذِهِ الْمَشُومَةَ الَّتِي قَدْ مَنَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَتَهُ، فَجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما لَمْ يَرَهَا فِي حِجْرِهَا قَالَ/ أَيْنَ زَنَابُ؟ قَالَتْ: أَخَذَهَا عَمَّارٌ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِهِ، قَالَ: وَكَانَتْ فِي النِّسَاءِ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهِنَّ لا تَجِدُ مَا تَجِدْنَ مِنَ الْغَيْرَةِ.
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: وَقَدْ رَوَيْنَا أَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقَلَهَا إِلَى بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ خُزَيْمَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَدَخَلَتْ فَرَأَتْ جَرَّةً فِيهَا شَعِيرٌ، وَرَحَاءُ، وَبُرْمَةٌ، فَطَحَنَتْهُ ثُمَّ عَقَدَتْهُ فِي الْبُرْمَةِ، وَأَدْمَتْهُ بِإِهَالَةٍ، فَكَانَ ذَلِكَ طَعَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَعَامَ أَهْلِهِ لَيْلَةَ عُرْسِهِ،