كتب أميرُ المؤمنين ورابعُ الخلفاء الراشدين، وأحدُ العشرةِ المُبَشَّرين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) إلى ابنه محمد ابن الحنفية:
((يا بُنَيَّ! تفقه في الدين، وعَوِّد نفسك الصبر على المكروه، وكِلْ نفسك في أمورك كلها إلى الله (عز وجل)، وأخلص المسألة لربك؛ فإن بيده العطاء والحرمان. وأكثر الاستخارة له. واعلم أن مَن كانت مطيتُه الليلَ والنهار؛ فإنه يُسار به وإن كان لا يسير؛ فإن الله (تعالى) قد أبى إلا خراب الدنيا وعمارة الآخرة، فإن قدرت أن تزهد فيها زهدك كله فافعل ذلك.
وإن كنت غيرَ قابلٍ نصيحتى إياك، فاعلم علمًا يقينًا أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك، وأنك في سبيل مَنْ كان قبلك.
فأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب؛ فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضًا.
وإياك أن تُوجِفَ بك مطايا الطمع وتقول: متى ما أُخِّرتُ نَزَعْتُ؛ فإن هذا أهلك مَن هلك قبلك.
وأمسك عليك لسانك؛ فإن تلافيك ما فرط من صمتك أيسر عليك من إدراك ما فات من منطقك.