( ... والناس في هذا الباب ثلاثة أصناف: قوم يكذبون بدخول الجني في الإنس، وقوم يدفعون ذلك بالعزائم المذمومة؛ فهؤلاء يكذبون بالموجود، وهؤلاء يعصون بل يكفرون بالمعبود، والأمة الوسط تصدق بالحق الموجود وتؤمن بالإله الواحد المعبود وبعبادته ودعائه وذكره وأسمائه وكلامه، فتدفع شياطين الإنس والجن.
وأما سؤال الجن وسؤال من يسألهم؛ فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسؤول؛ فهو حرام، كما ثبت في ((صحيح مسلم)) وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي؛ قال:
قلت: يا رسول الله! أموراً كنا نصنعها في الجاهلية: كنا نأتي الكهان. قال: ((فلا تأتوا الكهان)) (?) .
وفي ((صحيح مسلم)) أيضاً عن عبيد الله، عن نافع، عن صفية، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء؛ لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)) (?) .
وأما إن كان يسأل المسؤول ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره وعنده ما يميز به صدقه من كذبه؛ فهذا جائز كما ثبت في ((الصحيحين)) : ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل ابن صياد، فقال: ((ما يأتيك؟)) . فقال: يأتيني صادق وكاذب. قال: ((ما ترى؟)) . قال: أرى عرشاً على الماء. قال: ((فإني قد خبأت لك خبيئاً)) .