(إن الاعتمار من مكة وترك الطواف ليس بمستحب؛ بل المستحب هو الطواف دون الاعتمار، بل الاعتمار فيه حينئذ هو بدعة لم يفعله السلف، ولم يؤمر بها في الكتاب والسنة، ولا قام دليل شرعي على استحبابها، وما كان كذلك؛ فهو من البدع المكروهة باتفاق العلماء.
ولهذا كان السلف والأئمة ينهون عن ذلك؛ فروى سعيد في ((سننه)) عن طاووس أجل أصحاب ابن عباس؛ قال: الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون؟ قيل: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء، وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مئتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء.
قال أبو طالب: قيل لأحمد بن حنبل: ما تقول في عمرة المحرم؟ فقال: أي شيء فيها؟ العمرة عندي التي تعمد لها من منزلك، قال الله: {وأتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للهِ} (?) ، وقالت عائشة: إنما العمرة على قَدَرِه. يعني: على قدر النصب والنفقة، وذكر حديث علي وعمر: إنما إتمامها أن تحرم بها من دويرة أهلك.
قال أبو طالب: قلت لأحمد: قال طاووس: الذين يعتمرون من التنعيم لا أدري يؤجرون أو يعذبون؟ قيل له: لِمَ يعذبون؟ قال: لأنه ترك الطوف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال، ويخرج إلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مئتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء؛ فقد أقر أحمد قول طاووس هذا الذي استشهد به أبو طالب لقوله.