.. وإذا كان الإقسام بغير الله والرَّغبة إليه وخشيته وتقواه ونحو ذلك هي من الأحكام التي اشتركت المخلوقات فيها؛ فليس لمخلوق أن يقسم به ولا يتقي ولا يتوكل عليه؛ وإن كان أفضل المخلوقات، ولا يستحقُّ ذلك أحد من الملائكة والنَّبيِّين فضلاً عن غيرهم من المشايخ والصَّالحين.
فسؤال الله تعالى بالمخلوقات: إن كان بما أقسم به وعظَّمه من المخلوقات فيسوغ السُّؤال بذلك كلِّه، وإن لم يكن سائغاً لم يجز أن يسأل بشيء من ذلك، والتَّفريق في ذلك بين معظَّم ومعظَّم كتفريق من فرَّق [فزعم أنَّه] يجوز الحلف ببعض المخلوقات دون بعض، وكما أنَّ هذا فرق باطل فكذلك الآخر.
ولو فرَّق مفرِّق بين ما يؤمن به وبين ما لا يؤمن به؛ قيل له: فيجب الإيمان بالملائكة والنَّبيِّين، ويؤمن بكل ما أخبر به الرَّسول مثل منكر ونكير والحور العين والوِلدان وغير ذلك، أفيجوز أن يُقسَم بهذه المخلوقات لكونه يجب الإيمان بها، أم يجوز السُّؤال بها كذلك؟
فتبيَّن أنَّ السُّؤال بالأسباب إذا لم يكن المسؤول به سبباً لإجابة الدُّعاء؛ فلا فرق بين السُّؤال بمخلوق ومخلوق، كما لا فرق بين القَسَم بمخلوق ومخلوق، وكلُّ ذلك غير جائز؛ فتبيَّن أنَّه لا يجوز ذلك كما قاله من قاله من العلماء، والله أعلم) (?) .
* * *