(الاسم إذا بين النبي - صلى الله عليه وسلم - حد مسماه لم يلزم أن يكون قد نقله عن اللغة أو زاد فيه، بل المقصود أنه عرف مراده بتعريفه هو - صلى الله عليه وسلم - كيف ما كان الأمر؛ فإن هذا هو المقصود، وهذا كاسم الخمر؛ فإنه قد بين أن كل مسكر خمر فعرف المراد بالقرآن، وسواء كانت العرب قبل ذلك تطلق لفظ الخمر على كل مسكر أو تخص به عصير العنب لا يحتاج إلى ذلك؛ إذ المطلوب معرفة ما أراد الله ورسوله بهذا الاسم، وهذا قد عُرف ببيان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبأن الخمر في لغة المخاطبين بالقرآن كانت تتناول نبيذ التمر وغيره، ولم يكن عندهم بالمدينة خمر غيرها، وإذا كان الأمر كذلك؛ فما أطلقه الله من الأسماء وعلق به الأحكام من الأمر والنهي والتحليل والتحريم لم يكن لأحد أن يقيده إلا بدلالة من الله ورسوله.
فمن ذلك اسم الماء مطلق في الكتاب والسنة، ولم يقسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قسمين: طهور وغير طهور؛ فهذا التقسيم مخالف للكتاب والسنة، وإنما قال الله: {فَلَمْ تَجِدوا ماءً} (?) ، وقد بسطنا هذا في غير هذا الموضع، وبينا أن كل ما وقع عليه اسم الماء فهو طاهر طهور، سواء كان مستعملاً في طهر واجب أو مستحب أو غير مستحب، وسواء وقعت فيه نجاسة أو لم تقع إذا عُرف أنها قد استحالت فيه واستهلكت، وأما إن ظهر أثرها فيه؛ فإنه يحرم استعماله لأنه استعمال للمحرم.
ومن ذلك اسم الحيض، علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى