(الأمكنة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقصد الصلاة أو الدعاء عندها؛ فقصد الصلاة فيها أو الدعاء سنة اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتباعاً له، كما إذا تحرى الصلاة أو الدعاء في وقت من الأوقات، فإن قصد الصلاة أو الدعاء في ذلك الوقت سنة كسائر عباداته وسائر الأفعال التي فعلها على وجه التقرب، ومثل هذا ما خرجاه في ((الصحيحين)) عن يزيد بن أبي عبيد؛ قال: كان سلمة ابن الأكوع يتحرى الصلاة عند الاسطوانة التي عند المصحف، فقلت له: يا أبا مسلم! أراك تتحرى الصلاة عند هذه الاسطوانة! قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى الصلاة عندها (?) . وفي رواية لمسلم عن سلمة بن الأكوع: أنه كان يتحرى الصلاة موضع المصحف، يسبح فيه، وذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرى ذلك المكان، وكان بين المنبر والقبلة قدر ممر الشاة (?) .
وقد ظن بعض المصنفين أن هذا مما اختلف فيه، وليس بجيد؛ فإنه هنا أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرى البقعة؛ فكيف لا يكون هذا القصد مستحباً؟!
نعم، إيطان بقعة في المسجد لا يصلى إلا فيها منهٌّي عنه كما جاءت به السنة، والإيطان ليس هو التحري من غير إيطان، فيجب الفرق بين اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستنان به فيما فعله وبين ابتداع بدعة لم يسنها لأجل تعلقها به.
وقد تنازع العلماء فيما إذا فعل فعلاً من المباحات لسبب وفعلناه نحن تشبهاً به مع انتفاء ذلك السبب؛ فمنهم من يستحب ذلك ومنهم من لا يستحبه، وعلى هذا يخرج فعل ابن عمر رضي الله عنهما بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان