(إن ((الحبس الشرعي)) ليس هو السجن في مكان ضيق، وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء كان في بيت أو مسجد أو كان بتوكيل نفس الخصم أو وكيل الخصم عليه، ولهذا سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - أسيراً، كما روى أبو داود وابن ماجه عن الهرماس بن حبيب، عن أبيه؛ قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بغريم لي، فقال لي: ((الزمه)) . ثم قال: ((يا أخا بني تميم! ما تريد أن تفعل بأسيرك؟)) ، وفي رواية ابن ماجه: ثم مر بي آخر النهار، فقال: ((ما فعل أسيرك يا أخا بني تميم؟)) (?) ، وهذا هو الحبس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر حبساً معداً لسجن الناس، ولكن لما انتشرت الرعية في زمن عمر بن الخطاب ابتاع بمكة داراً وجعلها سجناً وحبس فيها.
ولقد تنازع العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم: هل يتخذ الإمام حبساً؟ على قولين: فمن قال: لا يتخذ حبساً؛ قال: يعوقه بمكان من الأمكنة أو يقام عليه حافظ، وهو الذي يسمى ((الترسيم)) .
ولهذا لما كان حضور مجلس الحاكم تعويقاً ومنعاً من جنس السجن والحبس تنازع العلماء: هل يحضر الخصم المطلوب بمجرد الدعوى، أم لا يحضر إذا كان ممن يتبذل بالحضور حتى يبين لمدعي الدعوى أصل؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد، ((والثاني)) قول مالك، ((والأول)) قول أبي حنيفة والشافعي.
ومن العلماء من قال: الحبس في التهمة إنما هو للوالي والي الحرب