67 - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَبُو سَعْدِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْكَنْجَرُوذِيُّ، الْفَقِيهُ الأَدِيبُ النَّحْوِيُّ، الْمَشْهُورُ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ، وَلَهُ قَدَمٌ فِي الطِّبِّ وَالْفُرُوسِيَّةِ وَأَدَبِ السِّلاحِ، كَانَ بَارِعَ وَقْتِهِ لِاسْتِجْمَاعِهِ فُنُونَ الْعِلْمِ.
سَمِعَ الْكَثِيرَ، وَأَدْرَكَ الأَسَانِيدَ الْعَالِيَةَ فِي الأَدَبِ وَغَيْرِهِ، وَأَدْرَكَ بِبَغْدَادَ أَئِمَّةَ النَّحْوِ وَالأَدَبِ، وَحَدَّثَ سِنِينَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمْدَانَ، وَأَبِي أَحْمَدَ التَّمِيمِيِّ، وَالْحَاكِمِ أَبِي أَحْمَدَ الْحَافِظِ، وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ دَهْشَمٍ الطَّرَسُوسِيِّ، وَأَبِي سَعِيدٍ الرَّازِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ الْعَبْدَوِيِّ، وَأَبِي الْفَضْلِ الْعَطَّارِ وَطَبَقَتِهِمْ.
وَخَتَمَ بِمَوْتِهِ أَكْثَرَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ أَجَازَ لِي وَخَطُّهُ قَائِمٌ بِذَلِكَ عِنْدِي، وَهُوَ مِمَّا أَحْتَدُّ بِهِ وَأَعُدُّهُ مِنَ الاتِّفَاقَاتِ الْحَسَنَةِ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ مَتِينٌ يَلِيقُ بِأَمْثَالِهِ، وَقَدْ جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاضِي أَبِي جَعْفَرٍ الزُّوزَنِيِّ الْبَحَّاثِيِّ، مُحَاوَرَاتٌ آلَتْ إِلَى وَحْشَةٍ فَوَّقَ الْقَاضِي الزُّوزَنِيِّ إِلَيْهِ بِسَبَبِهَا سِهَامَ هِجَائِهِ وَجَعَلَهُ عَرَضًا بَنَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُتُبًا مَزَجَ فِيهَا الْهَزْلَ بِالْجَدِّ، وَرَمَاهُ بِمَا بَرَّأَهُ اللَّهُ، تَعَالَى، مِنْهَ وَعَافَاهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَلْحَقْ وَجْهَ عَدَالَتِهِ وَفَضْلِهِ وَدِيَانَتِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَلا وُجِدَتْ لَهُ فِي أَيَّامِهِ فِتْنَةٌ إِلَى أَنْ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاثٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ.