407 - أَزْدَشِيرُ بْنُ مَنْصُورٍ أَبُو الْحَسَنِ الأَمِيرُ الْعَبَّادِيُّ الصُّوفِيُّ، شَابٌّ قَدِمَ نَيْسَابُورَ، -[174]- وَعَقَدَ مَجْلِسَ التَّذْكِيرِ وَأَبْدَعَ فِيهِ، وَأَعْجَبَ الْمُسْتَمِعِينَ بِحُسْنِ إِيرَادِهِ وَجَوْدَةِ كَلامِهِ وَنُكَتِ أَنْفَاسِهِ وَمَلاحَةِ قَصَصِهِ، وَظَهَرَ لَهُ الْقَبُولُ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ بِغَرَابَةِ إِشَارَاتِهِ وَوَقْعِ كَلِمَاتِهِ الْمُطَابِقَةِ بِحِلاتِهِ، وَكَانَ لَهُ سُكُونٌ وَهَيْئَةٌ وَأَنَاةٌ وَتُؤَدَةٌ وَطَرِيقَةٌ غَرِيبَةٌ فِي تَمْهِيدِ كَلامٍ سَنِيٍّ غَيْرِ مَسْبُوقٍ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ مَشْحُونٍ بِالإِشَارَاتِ الدَّقِيقَةِ وَالْعِبَارَاتِ الرَّشِيقَةِ الْمُسْتَمْلَحَةِ، ثُمَّ خَرَجَ عَنْ نَيْسَابُورَ إِلَى مَرْوَ وَعَادَ وَخَرَجَ إِلَى الْعِرَاقِ وَلَقِيَ بِبَغْدَادَ قَبُولا بَالِغًا وَوَقَعَ كَلامُهُ عِنْدَهُمْ مَوْقِعًا، وَعَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً وَسُلِّمَ إِلَيْهِ الْمَدْرَسَةُ بِبَابِ الْجَامِعِ الْمَنِيعِيِّ فَأَقَامَ بِهَا وَسَكَنَهَا، وَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُ قَبُولُهُ إِلَى أَوَانِ الْكُهُولَةِ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ الإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْبُسْتِيِّ، وَوُلِدَ لَهُ الْوَلَدُ وَبَقِيَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَجَاءَ نَعْيُهُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ.
سَمِعَ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ مِنْ مَشَايِخِ نَيْسَابُورَ، وَأَكْثَرَ عَنِ الْوَالِدِ فِي غَيْبَتِي إِلَى غَزْنَةَ، وَلَمْ يُرْزَقْ كَمَا أَظُنُّ رِوَايَةَ شَيْءٍ، وَلَعَلَّهُ سَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ نَيْسَابُورَ فِي صِبَاهُ مِنْ مَشَايِخِ مَرْوَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.