أحمد بن علي بن عبد الله بن عمر بن خلف، أبو بكر بن أبي الحسن الشيرازي الأديب

242 - أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلَفٍ، أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الشِّيرَازِيُّ الأَدِيبُ الصُّوفِيُّ، فَاضِلٌ، نَسِيبٌ، مَشْهُورٌ، ثِقَةٌ، سَمَّعَهُ أَبُوهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ خَلَفٍ مِنْ مَشَايِخِ عَصْرِهِ قَدِيمًا، وَطَافَ بِهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى أَدْرَكَ الأَسَانِيدَ الْعَالِيَةَ فَسَمِعَ مِنَ: الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ، وَالزِّيَادِيِّ، وَابْنِ يُوسُفَ، وَابْنِ فَوْرَكٍ، وَالْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ، وَالْجَوْلَكِيِّ، وَالسَّهْمِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الْجُرْجَانِيِّ، وَأَبِي يَعْلَى الْمُهَلَّبِيِّ، ثُمَّ أَصْحَابِ الأَصَمِّ كَالْحِيرِيِّ، وَالصَّيْرَفِيِّ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الْمُزَكِّي، وَالطَّبَقَةِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنَ الْقَاضِي أَبِي الْهَيْثَمِ، وَأَبِي سَعْدٍ الْوَاعِظِ الْحُرْكُوشِيِّ، وَعَبْدِ الْخَلاقِ الْمُؤَذِّنِ، وَالسَّيِّدِ ظَفَرَ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ كِبَارِ الْمَشَايِخِ، ثُمَّ حَصَلَ عَلَى حَظٍّ وَافِرٍ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَتَخَرَّجَ فِيهَا وَحَفِظَ حِكَايَاتِ الْمُحَاوَرَةِ، وَالأَشْعَارَ الْمَلِيحَةَ، وَعَاشَ عَيْشًا طَوِيلا فِي كَمَالِ الْعِفَّةِ وَالْوَرَعِ وَالْقُوتِ الْحَلالِ وَقِصَرِ الْيَدِ عَنِ الشُّبْهَةِ، وَأَخَذَ الطَّرِيقَةَ عَنْ زَيْنِ الإِسْلامِ أَبِي الْقَاسِمِ، وَتَحَقَّقَ فِي الإِرَادَةِ وَعَرَفَ مَجَارِي أَهْلِ التَّصَوُّفِ وَمَقَامَاتِهِمْ وَأَحْوَالَهُمْ، وَاتَّفَقَ لَهُ الرِّوَايَةُ الْكَثِيرَةُ، وَعَقَدَ مَجْلِسَ الإِمْلاءِ فِي الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلاةِ وَأَمْلَى سِنِينَ، وَلَمْ أَرَ فِي الْمَشَايِخِ الَّذِينَ سَمِعْنَا مِنْهُمْ أَكْثَرَ إِتْقَانًا وَلا أَضْبَطَ فِي الرِّوَايَةِ مِنْهُ، فَقَدْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً تَفَارِيقَ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْكُتُبِ وَالإِمْلاءِ، وَكَانَ رَاغِبًا فِي قِرَاءَتِي لا يُسَامِحُ فِي أَنْ يَفُوتَهُ مِمَّا نَقْرَأُ عَلَيْهِ كَلِمَةٌ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَفْهَمْهَا عَلَى مَبْلَغِ الإِمْكَانِ، وَيُرَاجِعُ فِي الْمُشْكِلاتِ وَيُبَالِغُ فِي الْوُقُوفِ عَلَى مَعَانِي مَا سَمِعَهُ، وَرَأَيْتُ مِنْهُ عَجَائِبَ فِي خِدْمَةِ زَيْنِ الإِسْلامِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَمُبَاسَطَةِ مَجْلِسِهِ بِمَا -[117]- يَسْتَحْسِنُهُ مِنَ الظُّرْفِ وَالْفَوَاكِهِ حَامِلا مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ حَمْلُهُ بِنَفْسِهِ لِشِدَّةِ مُدَاخَلَتِهِ، وَصِدْقِ إِرَادَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ الإِمَامُ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الاحْتِرَامِ وَقَبُولِ مَا يَأْتِي بِهِ مُقَابِلا بِالإِكْرَامِ عَلَى ذَلِكَ.

زَجَّى عُمْرُهُ وَاشْتَمَّ أَمْرُهُ وَانْفَرَدَ بِالرِّوَايَةِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ عَنْ أَكْثَرِ مَشَايِخِهِ مِنْ غَيْرِ مُشَارَكَةٍ لِلْبَرَكَةِ فِي عُمْرِهِ وَرِوَايَتِهِ، حَتَّى خَتَمَ بِمَوْتِهِ حَدِيثَ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُهَلَّبِيِّ، وَابْنِ فَوْرَكٍ، وَكَانَ مُحَدِّثَ وَقْتِهِ، انْتَخَبَ عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ، وَخُرِّجَتْ لَهُ (الْفَوَائِدُ) ، وَمَضَى إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، وَكَانَ وَقْتُ وَفَاتِهِ ابْنَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ شَاهْ هَنْبَرَ بِقُرْبِ الأَصَمِّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْقُشَيْرِيُّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015