192 - أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْيَزْدِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ الْحَافِظُ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ فَنْجَوَيْهِ.

أَحَدُ حُفَّاظِ زَمَانِهِ، وَفُرْسَانِ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ أَقْرَانِهِ.

كَتَبَ الْكَثِيرَ، وَصَنَّفَ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ وَعَلَى (جَامِعِ أَبِي عِيسَى التِّرْمِذِيِّ) ، وَجَمَعَ الأَبْوَابَ وَخَرَّجَ (الْفَوَائِدَ) لِلْمَشَايِخِ، وَانْتَخَبَ عَلَيْهِمْ.

دَخَلَ نَيْسَابُورَ تَاجِرًا فِي أَيَّامِ شَبَابِهِ وَحَيَاةِ أَبِي عَمْرِو بْنِ نُجَيْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ السَّرَّاجِ وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ طَلَبَ الْحَدِيثِ، فَكَتَبَ لأَهْلِ بَلَدِهِ عَنْهُمُ (الأَمَالِي) ، وَلَمْ يَكْتُبْ لِنَفْسِهِ وَعَادَ إِلَى أَصْبَهَانَ فَنَشِطَ لِطَلَبِ الْحَدِيثِ فَسَمِعَ بِهَا مِنَ ابْنِ الْمُقْرِي وَطَبَقَتِهِ، وَعَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ فَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَمْدَانَ، وَلَزِمَ مَسْجِدَ الْحَاكِمِ أَبِي أَحْمَدَ الْحَافِظِ وَاسْتَفَادَ مِنْهُ وَأَكْثَرَ السَّمَاعَ عَنْهُ وَعَنْ طَبَقَتِهِ، وَسَمِعَ بِنَسَا مُسْنَدَ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي الْقَاسِمِ الْفَقِيهِ وَخَرَجَ إِلَى هَرَاةَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَكَتَبَ الْكَثِيرَ ثُمَّ عَادَ إِلَى نَيْسَابُورَ وَاسْتَوْطَنَهَا وَاشْتَغَلَ بِالتَّصْنِيفِ وَالتَّخْرِيجِ وَصَارَ مِنَ الْحُفَّاظِ وَالأَئِمَّةِ الْمَعْرُوفِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي الصَّنْعَةِ.

عَقَدَ مَجْلِسَ الإِمْلاءِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي حَازِمٍ الْعَبْدَوِيِّ فِي مَدْرَسَةِ أَبِي سَعْدٍ الزَّاهِدِ فِي سِكَّةِ حُرْقُوشٍ فَأَمْلَى سِنِينَ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ الْكَثِيرُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّلامِذَةِ، -[92]- وَظَهَرَتْ بَرَكَةُ عِلْمِهِ وَإِتْقَانِهِ وَحِفْظِهِ، وَحُسْنِ نَصِيحَتِهِ وَوُفُورِ دِيَانَتِهِ، وَبَقِيَ كَذَلِكَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَوْمَ الْخَمِيسِ الْخَامِسِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الْحَسْكَانِيِّ أَنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ وَمَا أَدْرَكَ إِسْنَادَ صِبَاهُ لاشْتِغَالِهِ بِالتِّجَارَةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ بَقِيَ مُدَّةً بَعْدَهُ وَاشْتَهَرَ اشْتِهَارًا ظَاهِرًا، وَقَدْ فَاتَ وَالِدِي السَّمَاعُ مِنْهُ مَعَ إِمْكَانِهِ، وَأَنْبَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِثْلُ الْقَاضِي أَبِي الْقَاسِمِ مَنْصُورِ بْنِ صَاعِدٍ، فَقَدْ سَمِعْنَا مِنْهُ (شَرْحَ الآثَارِ) لِلطَّحَاوِيِّ بِتَمَامِهِ، رَوَيْتُهُ عَنْهُ بِتَمَامِ رِوَايَتِهِ عَنْهُ وَمِثْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا، وَأَبِي صَالِحٍ، وَالْحَسْكَانِيِّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015