عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيري أبو سعد الإمام

934 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيُّ أَبُو سَعْدٍ الإِمَامُ نَاصِرُ السُّنَّةِ، رَضِيعُ أَبِيهِ فِي الطَّرِيقَةِ، وَفَخْرُ ذَوِيهِ وَأَهْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، أَكْبَرُ أَوْلادِ زَيْنِ الإِسْلامِ الذُّكُورِ، مَنْ لا تَرَى الْعُيُونُ مِثْلَهُ فِي الدُّهُورِ، ذُو حَظٍّ وَافِرٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ، كَانَ يَذْكُرُ دُرُوسًا فِي الأُصُولِ وَالتَّفْسِيرِ بِعِبَارَةٍ مُهَذَّبَةٍ سَوِيَّةٍ لا تَتَخَطْرَفُ لِسَانُهُ إِلَى لَحْنٍ وَلا يَعْثُرُ لِضَعْفٍ فِي مَعْرِفَتِهِ وَوَهَنٍ، وَقَدْ حَصَّلَ الْفِقْهَ، وَكَانَتِ الْمَسَائِلُ عَلَى حِفْظِهِ بِأُصُولِهَا وَنُكَتِهَا، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأُصُولِ بِطَبْعٍ سَيَّالٍ وَخَاطِرٍ إِلَى مَوَاقِعِ الإِشْكَالِ وَمَوَاضِعِ السُّؤَالِ مَيَّالٌ، سَبَّاقٌ إِلَى دَرْكِ الْمَعَانِي وَقَّافٍ عَلَى الْمَدَارِكِ وَالْمَبَانِي، وَأَمَّا عُلُومُ الْحَقَائِقِ فَهُوَ فِيهَا يَشُقُّ الشّعرَ وَكَأَنَّهُ كَانَ ينهل مِنَ الْغَيْبِ الْخَبَرَ مَا كَانَ فِي زَمَنِ زَيْنِ الإِسْلامِ يَحْرِصُ فِي شَرْحِ الأَحْوَالِ، وَيُرَاعِي حُرْمَتَهُ فِي الْمَقَالِ إِلَى أَنِ انْتَهَتْ نَوْبَةُ الْكَلامِ إِلَيْهِ، فَانْفَتَحَ يُنْبُوعُ مَعَانِيهِ وَتَفَتَّقَ نَوَّارُ رُمُوزِهِ وَإِشَارَتِهِ، وَصَارَ مَجْلِسُهُ رَوْضَةَ الْحَقَائِقِ وَالدَّقَائِقِ، وَكَلِمَاتُهُ مُحْرِقَةَ الأَكْبَادِ وَالْقُلُوبِ، وَمَوَاجِيدُهُ مُقْطِرَةَ الدِّمَاءِ مِنَ الْجُفُونِ، فَكَأَنَّ الدُّمُوعَ...... وَمُفْطِرَةَ الصُّدُورِ بِالتَّخْوِيفِ وَالتَّفْزِيعِ، وَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ بَعْدَ زَيْنِ الإِسْلامِ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَوْ عَاشَ لَصَارَ شَيْخَ الإِسْلامِ وَالْمَشَايِخِ بِالإِطْلاقِ فِي خُرَاسَانَ وَالْعِرَاقِ لِتَقَدُّمِهِ وَنَسَبِهِ وَعِلْمِهِ، -[310]- سَمِعَ الْكَثِيرَ مِنْ أَصْحَابِ الأَصَمِّ وَصَحِبَ زَيْنَ الإِسْلامِ إِلَى بَغْدَادَ وَسَمِعَ مَعَ إِخْوَتِهِ مَشَايِخَ بَغْدَادَ وَخُرَاسَانَ وَالرَّيِّ، خَرَّجَ لَهُ الْفَوَائِدَ الْمُؤَذِّنُ الْحَافِظُ، وَقُرِئَتْ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي السَّادِسِ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ قَبْلَ وَفَاةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي عَلِيٍّ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015