وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَكَانَ إِذَا خيِّر بَيْنَ أَمْرَيْنِ، أَحَدِهِمَا فِيهِ غِنَاهُ وَغِنَى عَقِبِهِ، وَالآخَرِ لِلَّهِ فيه رضاً، اختار الذي فيه للهِ رضى، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فقرُه وتلفهُ.
وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَمَّا قُبض، حَزِنَ الناسُ عَلَيْهِ، وحزنَ أَبُو بَكْرٍ، فَزَادَ حزنهُ عَلَيْهِ، فَمَا زَالَ جِسْمُهُ يَذُوبُ ويَحْرِي، حتى لحق الله.
بَسَقَ: طال.
وحرى: إذا نقض.
223 - وَقَالَ الْخَلالُ: أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: ثنا جَعْفَرٌ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى يَقُولُ: لَمَّا قَرَأَ عَلَيْنَا جَرِيرٌ الرَّازِيُّ عَامَّةَ الْكُتُبِ، قَالَ لِي عليُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ: كَيْفَ كَانَ سَمَاعُهُ مِنْ مَنْصُورٍ؟ فَقُلْتُ لَهُ: لا تَفْعَلْ، أَكْرَمَنَا الرَّجُلُ. فَقَالَ: لا بُدَّ مِنْ أَنْ أَسْأَلَهُ.
فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ سمعتَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ مِنْ مَنْصُورٍ؟.
فَقَالَ: وَمَا سُؤَالُكَ؟.
فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أَعْلَمَ ذَاكَ.
فَقَالَ: لا أَوَ تُخْبِرُنِي.
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبَانٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، يَقُولُ: إِنَّمَا عَرَضَ جَرِيرٌ عَلَى مَنْصُورٍ عَرْضًا.
فَقَالَ جَرِيرٌ: إِنْ كَانَ كَاذِبًا فسوَّد الله وجهه في الدنيا والآخرة!