قال ابن القيم (?): وكمل الله له من مراتب الوحي مراتب عديدة نذكر من هذه المراتب:
أولها: الرّؤيا الصادقة، وكانت مبدأ وحيه صلّى الله عليه وسلّم فكان لا يرى الرؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، واستدل السهيليّ وغيره على أن الرؤيا من الوحي، بقول إبراهيم عليه السلام: يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ [الصافات: 102] فدل على أن الوحي يأتيهم مناما كما يأتيهم يقظة، وبرواية ابن إسحاق أن جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليلة النبوة، وغطّه ثلاثا وقرأ عليه أول سورة اقرأ، ثم أتاه وفعل معه يقظة، وفي الصحيح عن عبيد بن عمير (رؤيا الأنبياء وحي وقرأ يبنىّ إنّى أرى ... [الصافات: 102] الآية).
ثانيها: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه، من ذلك ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ روح القدس نفث في روعي، أنّه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته» (?).
ثالثها: خطاب الملك، حين كان يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحيانا.