أما التفسير: فإن محور كلمة التفسير وتقاليبها المختلفة يدور حول معنى الكشف، فالفسر والسّفر والرفس تتقارب معانيها، يقولون: فسرت الريح الغيم إذا قشطته، والسفر بمعنى الكشف أيضا، ومنه المرأة السافرة، أي: الكاشفة عن وجهها، وأسفر الصبح إذا كشف الظلام، والرفس بمعنى الإزالة وهو نوع من الكشف، وقيل للبول الذي ينظر فيه الطبيب: تفسرة إذ به يكشف الطبيب عن المرض المراد معرفته، وقد استعمل القرآن الكريم كلمة التفسير بمعنى الكشف والبيان كما هو وارد في الآية القرآنية الوحيدة:
وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان: 33]، أي: بيانا وكشفا.
أما التأويل: فمأخوذ من الأول وهو الرجوع والصيرورة، ومنه آلت إليه السلطة، أي: رجعت إليه، وقد وردت في القرآن الكريم فاستعملت مصدرا في قوله تعالى:
وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ [آل عمران: 7].
وقد وردت في آيات قرآنية أخرى، ولم يرد استعمال كلمة التأويل إلا في المقام الذي يعزّ فيه البيان، ويدق فيه الفهم، كالآيات المتشابهات والأحلام والرؤى، والمصير المجهول.
ذهب كثير من العلماء إلى أن التفسير والتأويل بمعنى واحد، قاله أبو عبيد، وقال مجاهد رضي الله عنه: إن العلماء يعلمون تفسيره وتأويله، وهو قول ابن جرير الطبري رحمه الله، حين سمى كتابه «جامع البيان في تأويل آي القرآن»، فنراه يقول في تفسير كل آية: اختلف أهل التأويل، أو القول في تأويل الآية، فهو يساوي بين مدلول كلمة التفسير والتأويل.