وليس من شرط التواتر أن يحفظ كل فرد جميعه، بل إذا حفظ الكلّ الكلّ ولو على التوزيع كفى) (?).

قال القرطبي: قد قتل يوم اليمامة سبعون وقتل في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم في بئر معونة مثل هذا العدد، قال: وإنما خص أنس الأربعة بالذكر لشدة تعلقه بهم (?).

هذا عن جمع القرآن حفظا وتلاوة، أما الجمع بمعنى كتابة القرآن وتدوينه، فلم تكن عناية النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه بحفظ القرآن واستظهاره لتمنعهم من توثيق القرآن بكتابته وتدوينه، فقد اتخذ الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أصحابه كتبة للوحي، منهم زيد بن ثابت وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي بن كعب وثابت بن قيس وخالد بن الوليد، إذ كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يأمر من حضر منهم بالكتابة لما ينزل عليه من القرآن، فيكتب الكاتب: إما على العسب أو اللخاف أو الرقاع أو قطع الأديم أو عظام الأكتاف والأضلاع (?). ثم يوضع المكتوب في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان مجموعا في صحف قال تعالى: رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً [البينة: 2].

أي يقرأ قراطيس مطهرة من الباطل، فيها مكتوبات مستقيمة قاطعة بالحق والعدل.

وقال أيضا: كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ 11 فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ 12 فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ 13 مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ 14 بِأَيْدِي سَفَرَةٍ 15 كِرامٍ بَرَرَةٍ [عبس: 11 - 16].

أي أن هذه تذكرة مثبتة في صحف مكرمة عند الله، مرفوعة المقدار منزهة عن أيدي الشياطين، قد كتبت بأيدي كتبة أتقياء، وما كتب بالصحف كان مؤلفا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015