يعتبر شيخ البخاري علي ابن المديني (?) - رحمه الله- أول من دون كتابا في هذا العلم، وتلاه علماء (?) آخرون لم يصلنا شيء من كتبهم، إلّا ما ذكره الواحدي والسيوطي عنهم، وبقي هذا العلم غير مدون ولا مجموع، حتى طالعنا أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي (?) - المتوفى سنة 468 - بكتابه المشهور أسباب النزول، وهو خير الكتب المصنفة في هذا الفن، رغم ما فيه من إعواز وأخطاء تاريخية، وروايات ضعيفة ورد أغلبها عن طريق الكلبي، التي هي من أوهى الطرق عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهي طريق سلسلة الكذب كما يطلق عليها علماء الحديث، كما اشتمل كتابه على روايات لا تمت إلى أسباب نزول الآية بصلة. وكان المأمول من العلماء من بعده أن يجردوا كتابه من تلك الأخطاء، وأن يسدوا ما فيه من إعواز، بيد أن الذين أتوا من بعده لم يفعلوا شيئا من ذلك، فإبراهيم الجعبري (?) لم يفعل شيئا إلّا تجريد كتابه من الأسانيد التي ذكرها الواحدي، ولم يضف إلى ذلك شيئا يذكر، وقد تحدث في مقدمته قائلا:
نزول القرآن على قسمين: قسم نزل ابتداء، وقسم نزل عقب واقعة أو سؤال، ثم أخذ يسرد كتاب الواحدي سردا لم نحظ منه بتعليق يسير عليه.