وأما من قدم ذلك عالماً ففيه روايتان:
أحدهما: لا دم عليه لما ذكر قبل.
والرواية الثانية: عليه دم لأن ما تقدم المراد به الجاهل والناسي؛ لأن في بعض ألفاظ الحديث: «أن رجلاً سأله فقال: لم أشعر» (?).
وفي رواية مسلم من حديث عبدالله بن عمرو قال: «فجاء رجل فقال: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ... وذكر الحديث قال: فما سمعته سئل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض وأشباهها إلا قال: افعلوا ذلك ولا حرج» (?).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم رتب وأمر باتباعه استثني منه حالة الجهل والنسيان فيبقى ما عداه على الأصل.
ويمكن الجواب عن كون السائل جاهلاً بأن إباحة ذلك للجاهل لا تنفي جوازه للعالم، وعن فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأنه فعله لكونه أولى لا لوجوبه.
قال: (ثم يخطب الإمام خطبة يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي).
أما استحباب الخطبة بمنى فلما روى ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر» (?) رواه البخاري.
وأما استحباب تعليمهم ما ذكر فلدعوى الحاجة إليه قال عبدالرحمن بن معاذ: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في منى فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار» (?) رواه أبو داود.