قيل: فرض السؤال يسقط بعدم المسؤول. وبه يظهر الفرق بين هذه الصورة وبين ما إذا صلى مع وجود الدليل ولم يسأله.
والنظر إلى أن العبادة جعلت في الوقت على نوع من الخلل يقتضي أن يعيد لما في ذلك من الاستدراك لما حصل من الخلل. ويعضد ذلك وجوب الإعادة على من صلى عادماً للماء والتراب على إحدى الروايتين.
قال: (ومن صلى بالاجتهاد ثم علم أنه قد أخطأ القبلة فلا إعادة عليه. وإن أراد صلاة أخرى اجتهد لها. فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني ولم يعد ما صلى بالأول).
أما كون من صلى بالاجتهاد ثم علم أنه أخطأ القبلة لا إعادة عليه؛ فلما روى عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة. فلم ندر أين القبلة. فصلى كل رجل منا على حياله. فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: {فأينما تولوا ... الآية} [البقرة: 115]» (?) رواه ابن ماجة والترمذي من حديث أشعث السمان. وفيه ضعف.
ولأن عدم العلم عذر في ترك الاستقبال بدليل «أن أهل قباء لما أُخبروا بتحول القبلة لم يبتدئوا الصلاة» (?).
وأما كونه إذا أراد صلاة أخرى يجتهد لها مرة أخرى؛ فلأنها واقعة جديدة فيستدعي اجتهاداً جديداً كطالب الماء في التيمم.
وأما كونه يعمل بالثاني إذا تغير اجتهاده؛ فلأنه ترجح في ظنه. والعمل بالراجح متعين.
وأما كونه لا يعيد ما صلى بالأول؛ فلأنه لو وجبت الإعادة لكان نقضاً للاجتهاد بالاجتهاد. وذلك غير جائز لعدم تناهيه.
ولأنه لا يعيد مع يقين الخطأ فمع عدم اليقين بطريق الأولى.