فصل [في الإقرار لأكثر من مدع]

قال المصنف رحمه الله: (إذا مات رجل وخلّف مائة فادّعاها رجلٌ فأقر ابنه له بها، ثم ادّعاها آخر فأقرّ له فهي للأول ويغرمها للثاني. وإن أقرّ لهما معاً فهي بينهما. وإن أقر لأحدهما وحده فهي له، ويحلف للآخر).

أما كون المائة المذكورة للأول؛ فلأن من المائة في يده قد أقرّ له بها ولا معارض له. فوجب كونها له عملاً بالإقرار السالم عن المعارض.

وأما كون المقرّ يغرمها للثاني؛ فلأن بإقراره ظهر أن المائة للثاني، وقد حال بينه وبينها. فلزمه غرامتها؛ كما لو شهد بمال ثم رجع بعد الحكم بشهادته.

وأما كونها بينهما إذا أقرّ لهما بها؛ فلأن المقرّ أضاف ذلك إليهما إضافة على السواء، وذلك يقتضي التسوية بينهما.

وأما كونها لأحدهما وحده إذا أقر بها له وحده؛ فلأن المقتضي لكون المائة للمقر له الإقرار، وهو موجود لشخص بعينه فيختص المقر له به.

وأما كون المقرّ يحلف للآخر؛ فلأنه يحتمل أنه المستحق، واليمين طريق لثبوت الحق أو بدله.

قال: (وإن ادَّعى رجلٌ على الميت مائة ديناً فأقرّ له، ثم ادعى آخر مثل ذلك فأقرّ له، فإن كان في مجلسٍ واحدٍ فهي بينهما. وإن كان في مجلسين فهي للأول ولا شيء للثاني).

أما كون المائة المقر بها لهما بينهما إذا كان الإقرار في مجلسٍ واحدٍ؛ فلأن المجلس الواحد بمنزلة الوقت الواحد.

وأما كونها للأول ولا شيء للثاني إذا كان الإقرار في مجلسين؛ فلأن بإقراره الأول ظهر أنها للمقر له الأول. فإقراره بها للآخر رجوع عن الإقرار وذلك لا يصح؛ لما فيه من إبطال حق الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015