فصل [في الإقرار المتعدد]

قال المصنف رحمه الله: (وإن قال: غصبتُ هذا العبد من زيدٍ لا بل من عمرو، أو ملكته لعمرو وغصبته من زيدٍ لزمه دفعه إلى زيد، ويغرم قيمته لعمرو. وإن قال: غصبته من أحدهما أخذ بالتعيين فيدفعه إلى من عيّنه ويحلف للآخر. وإن قال: لا أعرف عينه وصدقاه انتزع من يده، وكانا خصمين فيه. وإن كذباه فالقول قوله مع يمينه).

أما كون من قال: غصبت هذا العبد من زيدٍ لا بل من عمرو يلزمه دفعه إلى زيد؛ فلأنه أقرّ أن اليد لزيدٍ، وذلك يقتضي وجوب رد العبد إليه.

وأما كونه يغرم قيمته لعمرو؛ فلأنه اعترف بالملك في العبد له وقد أحال بينه وبين ملكه بإقراره. أشبه ما لو أتلفه. بيان اعترافه لعمرو بالملك أن قوله: لا بل من عمرو إضراب عن الأول وإثبات للثاني فلا يُقبل الإضراب بالنسبة إلى الأول؛ لأنه إنكار بعد إقرار، ويقبل بالنسبة إلى الثاني؛ لأنه لا دافع له. فإذا تعذر تسليمه إليه من أجل تعلق حق الأول به تعين ثبوت الملك لعمرو بالنسبة إلى إقرار المقر.

وأما كون من قال: ملكه لعمرو وغصبه من زيد يلزمه دفعه إلى زيد ويغرم قيمته لعمرو؛ فلأنه يساوي ما ذكر معنى فكذا يجب أن يكون حكماً.

وأما كون من قال: غصبته من أحدهما يؤخذ بالتعيين؛ فلأنه أقرّ بإقرار مجمل، ومن أقرّ بمجمل لزمه البيان. ضرورة أن الحكم لا يقع إلا على معلوم.

وأما كون العبد يدفع إلى من عيّنه؛ فلأنه بإقراره لشخصٍ بعينه ظهر أنه المستحق. أشبه ما لو أقر به أولاً.

وأما كونه يحلف للآخر؛ فلأنه محتمل أنه هو المستحق. فشرعت اليمين؛ ليكون النكول سبباً لثبوت رد العبد أو بدله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015