على ما فعلوا وهم يعلمون? أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم ... الآية} [آل عمران: 135 - 136]، وقوله تعالى: {ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا} [النساء: 110]، وقول عمر رضي الله عنه: «بقيةُ عمر المرء لا قيمة له يدركُ فيه ما فات، ويحيي فيه ما أمات، ويبدّلُ الله سيئاته حسنات» فينبغي أن يحصل بمجردها قبول التوبة، وقوله تعالى: {فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح} (?) [المائدة: 39] يحتمل أنه أراد بالإصلاح التوبة وعطف {وأصلح} على {تاب}؛ لاختلاف اللفظين، ودليل ذلك قول عمر: «تُبْ أقبل شهادَتك» (?).
قال: (ولا تُقبل شهادة القاذف حتى يتوب. وتوبته: أن يكذب نفسه. وقيل: إن علمَ صدق نفسه فتوبته أن يقول: قد ندمتُ على ما قلتُ ولا أعودُ إلى مثله، وأنا تائبٌ إلى الله تعالى منه).
أما كون شهادة القاذف لا تُقبل قبل توبته؛ فلأن الله تعالى قال: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون} [النور: 4].
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجوزُ شهادةُ خائنٍ ولا محدودٍ في الإسلام» (?). رواه ابن ماجة.
والمراد بالقاذفِ المردودِ الشهادة: القاذفُ الذي لم يأت بما يحقق قذفه فإن أتى بما يحقق قذفه؛ كالزوج يقذف زوجته، ويحقق قذفه بالبينة أو باللعان. والأجنبي يقذف أجنبية، ويحقق قذفه بالبينة: لم ترد شهادته؛ لأن الله تعالى إنما رتب الأحكام المذكورة على مجموع الأمرين: من رمي المحصنات، وعدم الإتيان بأربعة شهداء. فإذا لم يوجد ذلك لم تترتب الأحكام المذكورة؛ لانتفاء شرطها.
وأما قول المصنف رحمه الله: حتى يتوب؛ فمشعر بقبول شهادته بعد توبته. وهو صحيح صرح به المصنف رحمه الله تعالى في المغني. والأصل في ذلك قوله