وأما كونه ينبغي له أن ينفذَ فيتسلم ديوان الحكم من الحاكم قبله؛ فلأن ذلك كان في يد الحاكم قبله بحكم الولاية، وقد صارت إليه. فوجب أن ينتقل ذلك إليه.

وأما كونه يخرج اليوم الذي وعدَ بالجلوس فيه؛ فليحصل الوفاء بما نادى مُناديه.

وأما كونه على أعدل أحواله؛ فلأن حال القاضي ينبغي أن يكون أكمل الأحوال.

وأما كونه غير غضبان، ولا جائع، ولا شبعان، ولا حاقن، ولا مهموم بأمرٍ يشغله عن الفهم؛ فلأن القاضي متى كان به خصلة واحدة من الخصلات المذكورة ربما شَغلت فكره فأدّت إلى خطئه. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقضِي القاضي بين اثنين وهو غضبان» (?). صرَّحَ بالغضب، وقيس عليه ما في معناه من سائر ما ذكر.

وأما كونه يسلّم على من يمرُ به وعلى من في مجلسه؛ فلأن السنة سلامُ المارّ على الممرور به، وسلام الداخل على من في المجلس.

وأما كونه يصلي ركعتين تحية المسجد إن كان في مسجد؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخلَ أحدكم المسجد فلا يجلسْ حتى يصلي ركعتين» (?).

قال: (ويجلس على بساطٍ ويستعينُ بالله ويتوكلُ عليه، ويدعو سراً أن يعصمهُ من الزللِ ويوفقهُ للصواب، ولما يرضيه من القول والعمل. ويجعلُ مجلسه في مكان فسيحٍ؛ كالجامعِ والفضاءِ والدارِ الواسعةِ في وسط البلد إن أمكن).

أما كون القاضي يجلس على بساطٍ؛ فلأنه أبلغُ في هيبته، وأوقع في نفس الخصوم، وأعظم لحرمة الشرع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015