والأول أصح؛ لما تقدم.
والرواية الثانية: محمولة على أنه كان عاجزاً عن القيام بالواجب؛ لظلم السلطان وغيره.
قال: (فإن وُجد غيره كُره له طلبه بغير خلاف في المذهب. وإن طُلب فالأفضل أن لا يجيب إليه في ظاهر كلام أحمد، وقال ابن حامد: الأفضل الإجابة إليه إذا أمن نفسه).
أما كون من وُجد غيره يُكره له طلب القضاء بغير خلاف في المذهب؛ فلأن أنساً روى روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتغى القضاءَ وسألَ فيه شفعًا (?) وُكِلَ إلى نفسه، ومن أُكرهَ عليه أنزلَ اللهُ عليه ملكًا يسددُه» (?). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال صلى الله عليه وسلم لعبدالرحمن بن سمرة: «يا عبدالرحمن! لا تسأل الإمارةَ. فإنك إن أُعطيتها عن مسألةٍ وُكِلْتَ إليها، وإن أُعطيتها عن غير مسألةٍ أُعِنْتَ عليها» (?). متفق عليه.
وأما كونه إذا طُلب له فالأفضل أن لا يدخل فيه في ظاهر كلام الإمام؛ فلما فيه من الخطر والغرر. وفي تركه من السلامة والظفر، ولما وَرد فيه من التشديد. ولذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من وُلّي قاضياً فقد ذُبحَ بغير سِكِّين» (?).
ولأن طريقة السلف الامتناع منه والتوقي له، وقد «أراد عثمان تولية ابن عمر القضاء فأباه».