قال: (فإن ادعى كل واحد ظلم صاحبه له (?) أسكنهما الحاكم إلى جانب ثقة يشرف عليهما، ويلزمهما الإنصاف. فإن خرجا إلى الشقاق والعداوة بعث الحاكم حكمين حرين مسلمين عدلين، والأولى أن يكونا من أهلهما برضاهما وتوكيلهما فيكشفان عن حالهما ويفعلان ما يريانه من جَمْع بينهما، أو تفريقٍ بطلاق، أو خلع. فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا. وعنه: أن الزوج إن وكل في الطلاق بعوض أو غيره، ووكلت المرأة في بذل العوض برضاهما، وإلا جعل الحاكم إليهما ذلك. وإن غاب الزوجان أو أحدهما لم ينقطع نظرهما على الأولى ولم ينقطع على الثانية).

أما كون الحاكم يسكن الزوجين إلى جانب ثقة يشرف عليهما ويلزمهما الإنصاف إذا ادعى كل واحدٍ ظلم صاحبه له؛ فلأن ذلك وسيلة إلى كفهما عن التعدي، وذلك مطلوب شرعاً.

وأما كونه يبعث حكمين إذا خرجا إلى الشقاق؛ فلأن الله تعالى قال: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها} [النساء: 35].

وأما كون الحكمين حرين؛ فلأن العبودية نقص.

وقال صاحب المغني فيه: الأولى أن يقال: إن كانا وكيلين لم تعتبر الحرية؛ لأن توكيل العبد جائز، وإن كانا حكمين اعتبرت؛ لأن الحاكم لا يجوز أن يكون عبداً.

وأما كونهما مسلمين عدلين؛ فلأنهما إن كانا حكمين كان اشتراط ذلك ظاهراً؛ لكون الحاكم لا يجوز أن يكون إلا مسلماً عدلاً. وإن كانا وكيلين؛ فلأن الوكالة إذا تعلقت بنظر الحاكم لم يجز أن يكون الوكيل إلا مسلماً عدلاً؛ كما لو نصب وكيلاً لصبي أو سفيه.

وأما قول المصنف: والأولى أن يكونا من أهلهما برضاهما وتوكيلهما: فمشعرٌ بأمور:

أحدها: أن كون الحكمين من أهلهما راجح في نظر الشرع ولا شبهة فيه؛ لقوله تعالى: {حَكَماً من أهله وحَكَماً من أهلها} [النساء: 35].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015