ولأن النكاح شرع لمصلحة الزوجين ودفع الضرر عنهما، وهو مفضٍ إلى دفع ضرر الشهوة عن المرأة كإفضائه إلى دفع ذلك عن الرجل. فيجب تعليله بذلك ويكون النكاح حقاً لهما.

ولأنه لو لم يكن لها فيه حق لما وجب استئذانها في العزل؛ كالأمة المملوكة له.

وإنما اشترط عليه كون المدة أربعة أشهر؛ لأن الله تعالى قدر في حق المولي ذلك. ولو وجب الوطء في أقل من ذلك لوجب على المولي في تلك المدة.

وإنما اشترط أن لا يكون عذر كمرض ونحوه لأن صاحب العذر معذور. فلم يجب عليه من أجل عذره.

وأما كونه يلزمه القدوم إذا سافر عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت ذلك ولم يكن عذر؛ فلما روى زيد بن أسلم قال: «بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:

تطاول هذا الليل واسود جانبه ... وطال عليّ أن لا خليل ألاعبه

فوالله لولا خشية الله وحده ... لحرك من هذا السرير جوانبه

فسأل عنها عمر. فقيل له: فلانة. زوجها غائب في سبيل الله. فأرسل إليها امرأة تكون معها وبعث إلى زوجها فأقفله. ثم دخل على حفصة فقال: يا بنية! كم تصبر المرأة على زوجها؟ فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا. فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك. فقالت: خمسة أشهر أو (?) ستة أشهر. فوقّت للناس في مغازيهم ستة أشهر: يسيرون شهراً، ويقيمون أربعة أشهر، ويسيرون شهراً راجعين».

وفي قول المصنف: إن لم يكن عذر تنبيه على أن السفر إذا زاد على ستة أشهر وكان لعذرٍ لم يلزمه القدوم؛ لأن صاحب العذر يعذر من أجل عذره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015