باب الموصَى به
قال المصنف رحمه الله: (تصح الوصية بما لا يُقدر على تسليمه؛ كالآبق، والشارد، والطير في الهواء، والحمل في البطن، واللبن في الضرع. وبالمعدوم كالذي تحمل أمته، أو شجرته أبداً، أو في مدة معينة. فإن حصل منه شيء فهو له، وإلا بطلت الوصية).
أما كون الوصية تصح بما لا يُقدر على تسليمه؛ فلأنها تصح بالمعدوم لما يأتي؛ فلأن تصح بالموجود بطريق الأولى.
وأما كونها تصح بالمعدوم؛ فلأن الغرر والخطر ليس بمانعٍ في الوصية؛ لأنه ليس في مقابلتها عوض يتضرر صاحبها بفواته. بخلاف البيع.
وأما قول المصنف رحمه الله: كالآبق والشارد والطير في الهواء والحمل في البطن واللبن في الضرع؛ فتمثيلٌ لما لا يُقدر على تسليمه.
وقوله: كالذي تحمل أمته أو شجرته تمثيل للمعدوم.
وأما قوله: أبداً أو في مدة معينة؛ فتنبيهٌ على أن الوصية بالمعدوم على ضربين:
أحدهما: أن يكون الحمل فيما ذكر للموصى له على التأبيد.
وثانيهما: أن يكون له ذلك مدة معينة كسنة دون ما عداها.
وأما كون ما يحصل من ذلك للموصى له به؛ فلأن الوصية صحت. فوجب أن يكون الموصى به للموصى له.
وأما كون الوصية تبطل إذا لم يحصل من ذلك للموصى به شيء؛ فلأنها لم تصادف محلاً. أشبه ما لو وصى بثلث ماله. فلم يخلّف شيئاً.
قال: (وإن وصى له بمائة لا يملكها صح. فإن قدر عليها عند الموت أو على شيء منها (?)، وإلا بطلت).
أما كون الوصية بمائة لا يملكها الموصي تصح؛ فلأن غاية ما يُقَدَّر في ذلك